كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 28)

وأخرجه في الشهادات متصلًا من حديث أيوب عن ابن أبي مليكة به (¬1).
فإن قلت: قوله: (وعليه قباء) ظاهر في لبسه، أجاب عنه ابن بطال بأن هذا كان في أول الإسلام (¬2) -والله أعلم- قبل تحريم الذهب والحرير (¬3).
وأما ابن التين فأوله حيث قال: قوله: (وعليه قباء) يريد: في يده؛ لأنه - عليه السلام - لا يخبئ لمخرمة شيئًا ثم يلبسه. وأيضاً فإنه حرير إلا إن كان ذلك قبل تحريمه. قال: وكان مخرمة في خلقه شيء فأعطاه إياه ليكسوه النساء أو يبيعه، قال: وسكت عن أن ينهاه عن لبسه؛ لعلم المعطى بالنهي.
قلت: هذا عجيب.
وأما الحازمي فقال: إنه منسوخ بحديث جابر: لبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا قباء ديباج أهدي إليه، ثم أوشك أن ينزعه. وبحديث عقبة بن عامر أنه - عليه السلام - صلى في فروج حرير ثم نزعه وقال: "إن هذا ليس من لباس المتقين" (¬4).
وفيه: أن الخليفة والعالم إذا زال عن موضع قعوده للناس ونظره بينهم وتعليمه لهم أنه يجوز دعاؤه وإخراجه لما يعن إليه من حاجات الناس، وأن خروجه لمن دعاه من التواضع والفضل.
¬__________
(¬1) سلف برقم (2657) باب: شهادة الأعمى.
(¬2) في هامش الأصل: مخرمة أسلم في الفتح.
(¬3) "شرح ابن بطال" 9/ 129.
(¬4) "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" ص 179 - 180.

الصفحة 50