كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 28)

فصل:
وقوله: ("ويحك إن شأن الهجرة شديد") قيل: كان هذا قبل الفتح فيمن أسلم من غير أهل مكة، كان - عليه السلام - يحذره شدة الهجرة ومفارقة الأهل والوطن، وكانت هجرته وصوله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} الآية [التوبة: 122].
وقوله: ("فاعمل من وراء البحار") فيه دلالة على أنها (غير) (¬1) واجبة عليها، وأنها كانت على أهل مكة.
وقوله: ("لن يترك من عملك شيئًا") أي: لن ينقصك، وأصله يوترك، فحذفت الواو؛ لوقوعها بين ياء وكسرة قال تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35]
وقوله: (قال: "فهل تؤدي صدقتها؟ ") لم يسأله عن غيرها من الأعمال الواجبة عليه؛ لأن النفوس -والله أعلم- حرصها على المال أشد من حرصها على الأعمال البدنية، فإذا كان يبذل المال ويخرجه لمستحقه ويؤديه طيبة بها نفسه، فهو على الأعمال البدنية أحرص على عملها.
فصل:
قوله: ("لا ترجعوا بعدي كفارًا") قد سلف أنه الستر أو تكفير الناس، كفعل الخوارج إذا استعرضوا الناس، وقيل: هم أهل الردة قتلهم الصديق - رضي الله عنه -. وقالت الخوارج ومن نحى نحوهم: هو الكفر بفعلهم كما يكفرون بالزنا والقتل ونحوهما من الكبائر. وقيل: أراد إذا فعله كل واحد مستحلًّا لقتل صاحبه فهو كافر.
¬__________
(¬1) من (ص2).

الصفحة 580