كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 28)

بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: «إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ». [انظر: 3057 - مسلم: 169 (سيأتي بعد حديث 2931) - فتح 10/ 561]
ذكر فيه حديث ابن صياد من طريق ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنه - فقال: حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، ثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ، سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ، قال: سَمِعْتُ ابن عَبَّاسٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لاِبْنِ صَائِدٍ: "قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا، فَمَا هُوَ؟ ". قَالَ: الدُّخُّ. قَالَ: "اخْسَأْ".
ثم ساق حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه - عليه السلام - قال لابن صياد: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ .. " الحديث بطوله.
و ("اخسأ"): زجر للكلب وإبعاد له وطرد، يقال: خسأت الكلب: طردته. وخسئ الكلب بنفسه، يتعدى ولا يتعدى. هذا أصل هذِه الكلمة عند العرب، ثم استعملت في كل من قال أو فعل ما لا ينبغي له، مما يسخط الله تعالى.
قال صاحب "الأفعال": يقال: خسأت الكلب فخسأ أي: زجرته فبعد (¬1).
وفي القرآن: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] أي: مبعدين وقال تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)} [المؤمنون: 108] أي: ابعدوا بعد الكلاب ولا تكلمون في رفع العذاب عنكم؛ فكل من عصى الله تعالى سقطت حرمته، ووجب خطابه بالغلظة والشدة والذم له؛ لينزع عن مذهبه؛ ويرجع عن قبيح فعله.
¬__________
(¬1) "الأفعال" ص205.

الصفحة 587