كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 28)

والإغراق في الصفات إذا لم يستحق الموصوف ذَلِكَ، ولا يبلغ النهايات في ذَلِكَ إلا في مواضعها وحيث يليق الوصف بالنهاية (¬1).
واعترض ابن التين فقال: الظاهر أن البخاري إنما أراد ما قد يكون في مواضع ليست تخص الحكم بالمذكور وتضعه عما عداه؛ لأن (إنما) عند أهل النحو واللغة للحصر والقطع كقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] الآية. فأورد البخاري هذا؛ لأنها قد تقع لغير الحصر، ويدل على ذَلِكَ تشبيهه بقوله: "لا مَلِكَ إلا الله". ثم قال: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا}.
فصل:
وقوله: ("إنما المفلس") قال ابن فارس: يقال: أفلس إذا صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم (¬2).
وقال الجوهري: كأنما صارت دراهمه فلوسًا وزيوفًا. كما يقال: (أخبث) (¬3) إذا صار أصحابه خبثاء، وأقطف صارت دابته قَطوفًا. ويجوز أن يراد صار إلى حال يقال فيها: ليس معه فلس، كما يقال: أقهر الرجل صار إلى حال (يقهر) (¬4) عليها، وأذل صار إلى حال يذل فيها، وقد فَلَّسه القاضي تفليسًا: نادى عليه أنه أفلس (¬5).
فصل:
وقوله: ("إنما الكرم قلب المؤمن") أي: لما فيه من نور الإيمان
¬__________
(¬1) "شرح ابن بطال" 9/ 339.
(¬2) "مجمل اللغة" 2/ 705، مادة: (فلس).
(¬3) في الأصل: أجبن. والمثبت من "الصحاح".
(¬4) في الأصل: القهر. والمثبت من "الصحاح".
(¬5) "الصحاح" 3/ 959، مادة (فلس).

الصفحة 603