كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 28)

وأرخص غيره في ذَلِكَ؛ لقوله: انزل أبا وهب. فإن قُلْت: فما معنى تكنية أبي لهب في القرآن؟ قيل له: ليست على طريق التعظيم له.
وقد تأول أهل العلم في ذَلِكَ وجوهًا منها: ما قاله ثعلب أن اسمه عبد العزى، والله لا يجعله عبدًا لغيره ومنها: أن اسمه عبد العزى وكنيته: أبو عتبة، وأبو لهب لقب، وإنما لقب به -فيما ذكر ابن عباس؛ لأن وجهه كان يتلهب جمالاً، فليس بكنية قاله ابن أبي زمنين (¬1). ومنها: أن تكون تكنيته من طريق التجنيس في البلاغة ومقابلة اللفظ بما شابهه، فكناه في أول السورة بأبي لهب؛ لقوله في آخرها: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3)} [المسد: 3] فجعل الله ما كان يفتخر به في الدنيا ويزينه من جماله سببًا إلى المبالغة في خزيه وعذابه، فليس ذَلِكَ من طريق الترفيع والتعظيم.
فصل:
قوله في الحديث الأول: (فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة). أي: غبار. (وخمَّر ابن أبي وجهه). غطاه كبرًا وحسدًا. وقوله: (يتثاورون) أي: يتثاوبون. يقال: انتظر حَتَّى تسكن هذِه الثورة وهي الهيج. والبُحيرة: البلدة. يقال: هذِه بحرتنا أي: أرضنا. ومعنى: شرق في ذَلِكَ: غص. والصنديد: السيد الشجاع.
فصل:
قوله: (هل نفعت أبا طالب بشيء؟) فيه دلالة أن الله قد يعطي الكافر عوضًا من أعماله التي مثلها يكون قربة لأهل الإيمان بالله تعالى؛ لأنه - عليه السلام - أخبر أن عمه نفعه نصرته إياه وحياطته له التخفيف الذي لو لم
¬__________
(¬1) "تفسير القرآن العزيز" لابن أبي زمنين 5/ 171.

الصفحة 633