كتاب تدوين السنة النبوية نشأته وتطوره من القرن الأول إلى نهاية القرن التاسع الهجري
النَّبي صلى الله عليه وسلم وأمته، والمجتهدون في حفظ ملَّته، أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحججهم قاهرة، وكل فئة تتحيَّز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأياً تعتكف عليه، سوى أصحاب الحديث فإن كتاب الله عُدَّتُهم، والسُّنَّة المطهَّرة حُجَّتُهم، والرسول صلى الله عليه وسلم فِئتهم وإليه نسبتهم، لا يعرِّجون على الأهواء، ولا يلتفتون إلى الآراء، يُقبل منهم ما رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم المأمونون عليه حفظة الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته، منهم كل عالم فقيه، وإمام رفيع نبيه، وقارئٌ متقن، وخطيب محسن، وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، ومن كادهم قصمه الله، ومن عاندهم خذله الله، لا يضرهم من خالفهم، ولا يفلح من اعتزلهم المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير 1.
وبعد:
فهذه نبذٌ يسيرة من جهود تلك الأجيال المتعاقبة من سلفنا الصالح المذكور وصفهم آنفاً، الذين بذلوا كل جهد وكل غالٍ ونفيس في سبيل خدمة السُّنَّة المطهَّرة وحفظها وتدوينها ونقلها إلى الأمة.
__________
1 انظر: شرف أصحاب الحديث للخطيب ص: 8 – 9.
الصفحة 5
278