كتاب علم الرجال نشأته وتطوره من القرن الأول إلى نهاية القرن التاسع

معهم، إلا أن من أشدهم انتقاء للسنن وأكثرهم مواظبة عليها، حتى جعلوا ذلك صناعةً لهم لا يشوبونها بشيء آخر ثلاثة: مالك والثوري وشعبة".
وقال: "ثم أخذ عن هؤلاء بعدهم الرسم في الحديث والتنقير عن الرجال والتفتيش عن الضعفاء والبحث عن أسباب النقل جماعة منهم: عبد الله بن المبارك (ت 181 هـ) ، ويحيى بن سعيد القطان (ت 198 هـ) ووكيع بن الجراح (ت 197 هـ) ، وعبد الرحمن بن مهدي (ت 198 هـ) ومحمد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ) في جماعة معهم، إلاَّ أن من أكثرهم تنقيراً عن شأن المحدثين وأتركهم للضعفاء والمتروكين حتى جعلوا هذا الشأن صناعة لهم لم يتعدوها إلى غيرها مع لزوم الدين والورع الشديد والتفقه في السنن رجلان: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي".
وقال: "ثم أخذ عن هؤلاء مسلك الحديث والاختيار وانتقاء الرجال في الآثار حتى رحلوا في جمع السنن إلى الأمصار، وفتشوا المدن والأقطار، وأطلقوا على المتروكين الجرح وعلى الضعفاء القدح، وبينوا كيفية أحوال الثقات والمدلسين والأئمة والمتروكين حتى صاروا يقتدى بهم في الآثار وأئمة يسلك مسلكهم في الأخبار، جماعة منهم: أحمد بن حنبل رضي الله عنه (ت 241 هـ) ، ويحيى بن معين (ت 233 هـ) ، وعلي بن المديني (ت 234 هـ) ، وأبو بكر بن أبي شيبة (ت 235 هـ) ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي (ت 238 هـ) ، وعبيد الله بن عمر القواريري (ت 235 هـ) ، وزهير بن حرب أبو خيثمة (ت 234 هـ) في جماعة من أقرانهم.

الصفحة 29