كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 29)

الزلزلة إلى يوم الجمعة ضحى، ولها دوىّ مثل دوىّ الرعد القاصف! ثم طلع، يوم الجمعة، فى طريق الحرّة «1» فى رأس قريظة، على طريق السّوارقيّة «2» بالمقاعد، مسيرة من الصبح إلى الظهر- نار عظيمة مثل المدينة العظيمة! وما ظهرت لنا إلا ليلة السبت. وأشفقنا منها وخفنا خوفا عظيما.
وطلعت إلى الأمير وكلّمته، فقلت له: قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله تعالى. فأعتق مماليكه، وردّ على جماعة أموالهم. فلما فعل هذا، قلت له: اهبط الساعة معنا إلى النبى صلى الله عليه وسلم. فهبط، وبتنا ليلة السبت، والناس جميعا والنسوان وأولادهم، وما بقى أحد، لا فى النخيل ولا فى المدينة- إلا عند النبى صلى الله عليه وسلم.
وأشفقنا منها، وظهر لها لسان- حتى رؤيت من مكة، ومن الفلاة جميعها. ثم سال منها نهر من نار، وأخذ فى وادى أحيلين «3» ، وسدّ الطريق. ثم طلع إلى بحرة الحاج، وهو نهر نار يجرى- وفوقه جمر تسير إلى أن قطعت الوادى- وادى الشّظاة «4» . وما عاد يجىء فى الوادى سيل قط،

الصفحة 450