كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 29)

وحكى لى الأمير عز الدين بن أبى الهيجا ما معناه: أن الأمير سيف الدين بلقاق حدثه، أن الأمير بدر الدين بكتوت الأتابكى حكى له، قال:
كنت أنا والملك المظفر قطز، والملك الظاهر ركن الدين بيبرس- رحمهم الله تعالى- فى حال الصّبا، كثيرا ما نكون مجتمعين فى ركوبنا وغير ذلك. فاتفق أن رأينا منجّما فى بعض الطرق بالديار المصرية. فقال له الملك المظفر: أبصر نجمى. فضرب بالرمل وحسب، وقال له: أنت تملك هذه البلاد، وتكسر التتار! فشرعنا نهزأ به. ثم قال له الملك الظاهر: فأبصر نجمى. فضرب بالرمل وحسب، وقال: وأنت تملك الديار المصرية وغيرها. فتزايد استهزاؤنا به! ثم قالا لى: لا بد أن يبصر نجمك. فقلت له أبصر لى. فضرب وحسب، وقال لى: وأنت تحصل لك إمرة بمائة فارس، يعطيك هذا- وأشار إلى الملك الظاهر. فاتفق أن الأمر وقع كما قال. وهذا من عجيب الاتفاق.
قال الشيخ قطب الدين اليونينى- نفع الله به-:
وكان السلطان الملك المظفّر بطلا شجاعا، ولم يكن يوصف بشح ولا كرم، بل كان متوسطا. وهو أول من أجترأ على التتار، وكسرهم، بعد خوارزم شاه، كسرة عظيمة، جبر بها الإسلام.

الصفحة 484