كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 29)

قال: ومما حكى لى عنه: أنه قتل فى يوم المصافّ «1» جواده بعين جالوت، ولم يصادف فى تلك الساعة أحد من أوشاقيّته «2» ، الذين معهم جنائبه، فبقى راجلا. ورآه بعض الأمراء الشجعان، فترجل عن حصانه وقدمه له ليركبه. فامتنع، وقال له ما معناه: ما كنت لآخذ حصانك فى هذا الوقت، وأمنع المسلمين الانتفاع بك، وأعرضك للقتل. وحلف عليه أن يركب فرسه. فامتثل أمره، وركب. ووافاه الأوشاقيّة بالجنائب «3» ، فركب جنيبا.
فلامه بعض خواصّه على ذلك، وقال: لو صادفك- والعياذ بالله- بعض المغل، وأنت على الأرض راجلا، كنت رحت، وراح الإسلام! فقال:- أما أنا فكنت أروح إلى الجنة- إن شاء الله تعالى. وأما الإسلام، فما كان الله عز وجل ليضيعه. فقد مات الملك الصالح، وقتل ولده الملك المعظم، والأمير فخر الدين بن الشيخ- مقدّم العساكر- ونصر الله الإسلام، بعد اليأس من نصره- يشير إلى نوبة المنصورة «4»

الصفحة 485