كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 29)

وروى أيوب عنه عن ابن عباس: إنما هي: (حتى تستأذنوا)، فسقط من الكاتب (¬1)، وقال إسماعيل بن إسحاق: قوله: من خطأ الكاتب. هو بقول سعيد بن جبير أشبه منه بقول ابن عباس؛ لأن هذا مما لا يجوز أن يقوله أحد؛ إذ كان القرآن محفوظًا، قد حفظه الله من أن يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه.
وقد روي عن مجاهد أن الاستئناس: التنحنح والتنخم إذا أراد أن يدخل (¬2). وروى ابن وهب، عن مالك أنه الجلوس، قال تعالى: {وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} [الأحزاب: 53] وقال عمر حين دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث المشربة: أستأنس يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "نعم". فجلس عمر (¬3).
قال إسماعيل: وأحسب معنى الاستئناس -والله أعلم- إنما هو أن يستأنس فإن الذي يدخل عليه لا يكره دخوله؛ يدل على ذلك قول عمر - رضي الله عنه - السالف، فدل قوله على أنه أحب أن يعلم أنه - عليه السلام - لا يكره جلوسه، وهذا مما يضعف ما روي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، عن عمر.
¬__________
(¬1) قال القرطبي في "تفسيره" 12/ 214: وهذا غير صحيح عن ابن عباس وغيره، فإن مصاحف الإسلام كلها ثبت فيها {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} وصح الإجماع فيها من لدن مدة عثمان فهي التي لا يجوز خلافها وإطلاق الخطأ والوهم على الكاتب في لفظ أجمع الصحابة عليه قول لا يصح عن ابن عباس؛ وقد قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)}، وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}.
(¬2) رواه الطبري 9/ 297 (25922 - 25925).
(¬3) سلف برقم (2468) كتاب: المظالم، باب: الغرفة والعُلِّيَّة المشرفة في السطوح وغيرها.

الصفحة 21