كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 29)

الصغيرة جدًّا، قد مست أم خالد (¬1) خاتم النبوة الذي كان بين كتفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونهى الشارع من نهاها (¬2). وقد سلف أن فيه حجة لأشهب أن الرجل يُغسِّل الأجنبية الصغيرة الميتة، وأن ابن القاسم لا يجيز ذلك (¬3).
فصل:
وفيه مغالبة طباع البشر لابن آدم، وضعفه فيما تركب فيه من الميل إلى النساء، والإعجاب بهن، وفيه دليل أن نساء المؤمنين ليس لزوم الحجاب لهن فرضًا في كل حال كلزومه لأمهات المؤمنين، ولو لزم جميع النساء فرضًا لأمر الشارع الخثعمية بالاستتار، ولَمَا صرف وجه الفضل عن وجهها، بل كان أمره بصرف بصره ويعلمه أن ذلك فرضه؛ فصرف وجهه وقت خوف الفتنة وتركه قبل ذلك الوقت.
وهذا الحديث يدل أن ستر المؤمنات وجوههن عن غير محارمهن سنة؛ لإجماعهم أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة منها ويراه الغرباء، وأن قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] على الفرض في غير الوجه.
¬__________
(¬1) أم خالد: أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي، ولدت بالحبشة وتزوجها الزبير فولدت له عمرًا، صحابية روى لها البخاري، وأبو داود والنسائي. انظر "الطبقات الكبرى" لابن سعد 8/ 234، و"تهذيب الكمال" 35/ 129 (7788).
(¬2) سلف برقم (3071) كتاب الجهاد، باب: من تكلم بالفارسية والرطانة من حديث أم خالد بنت خالد بن سعيد بلفظ "فذهبت ألعب بخاتم النبوة".
(¬3) انظر "النوادر والزيادات" 1/ 554.

الصفحة 27