كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 29)

وأن غض (البصر) (¬1) عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى منه الفتنة واجب.
وقد قال - عليه السلام -: "لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى وليست لك الثانية" (¬2). وهذا معنى دخول (من) قوله تعالى: {مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 34]: لأن النظرة الأولى لا تملك، فوجب التبعيض لذلك بما قدمناه، ولم يقل ذلك في الفروج؛ لأنها لا تملك.
فصل:
فإرادفه الفضل خلفه على عجز راحلته ظاهر في جواز الإرداف، وقد مر. وعَجُز -بفتح أوله وضم ثانيه- أي: آخرها. وقوله: وكان الفضل وضيئًا أي: حسنًا نظيفًا، أصله: وضُأ مثل كَرُم.
وقوله: (فأخلف يده فأخذ بذَقَن الفضل). أي: أدارها من خلفه، يقال: أخلف الرجل بيده إلى سيفه: مدها إليه؛ ليأخذه عند حاجته إليه، وأخلف إلى مؤخر راحلته أو فرسه كذلك، وقال هنا: (والفضل ينظر إليها)، وفي "الموطأ": وتنظر هي إليه (¬3).
والذَّقَن: -بفتح الذال والقاف- مجتمع اللحيين، قيل: وكان الفضل يومئذ صبيًّا.
¬__________
(¬1) في الأصل: (الفرج) والمثبت هو المناسب للسياق.
(¬2) رواه أبو داود (2149)، والترمذي (2777)، وأحمد 5/ 353، 2/ 194 والبيهقي 7/ 90 كلهم من حديث ابن بريدة، عن أبيه مرفوعًا، وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وقال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1903): حسن لغيره.
(¬3) "الموطأ" ص236 (98).

الصفحة 28