كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 29)

واحد منهم مثلما يسلم واحد مثلما ابتدئت به من غير زيادة لقوله: {أَوْ رُدُّوهَا} وروى مالك، عن زيد بن أسلم أنه - عليه السلام - قال: "إذا سلم واحد من القوم أجزأ عنهم" (¬1) وأنكر أبو يوسف مرسل مالك، واحتجوا بأنه لو رد عنهم (غيرهم) (¬2) لم يسقط ذلك عنهم، فدل أنه يلزم كل إنسان بعينه، واستدل لمالك والشافعي مع ما سلف بقوله - عليه السلام -: "يسلم القليل على الكثير" (¬3). والرد سلام عند العرب، وبإجماعهم أن الواحد يسلم على الجماعة، ولا يحتاج إلى تكريره على عددهم، وكذلك الرد، وإنكارهم لمرسل مالك لا وجه له؛ لأنه (لا) (¬4) مستند لهم في قولهم، والمصير إليه أولى من المصير إلى رأي يعارضه، وقد عضده ما أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه من حديث عبد الله بن الفضل عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي يرفعه: "يجزئ عن الجماعة إذا مرت أن يسلم أحدهم، ويجزي عن القعود أن يرد أحدهم". وأخرجه أبو داود من هذا الوجه، وقال: و"الجلوس" بدل "القعود" (¬5) وهو هو.
فصل:
وقوله: ("إن الله هو السلام") يريد أنه اسم من أسمائه، قال تعالى: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر: 23] فمصداق هذا الحديث القرآن، والأسماء إنما تؤخذ توقيفًا من الكتاب والسنة، ولا يجوز أن يسمى الله بغير
¬__________
(¬1) "موطأ مالك " ص 595 برواية يحيى الليثي.
(¬2) من (ص2).
(¬3) سيأتي قريبًا برقم (6232) ورواه مسلم برقم (2160) كتاب: السلام، باب: يسلم الراكب على الماشي والقليل على الكثير.
(¬4) من (ص2).
(¬5) رواه أبو داود برقم (5210).

الصفحة 31