كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 29)

وكان السلف من المحافظة على بذل السلام، كما ذكر معمر قال: كان الرجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مجتمعين، فتفرق بينهما شجرة، ثم يجتمعان فيسلم أحدهما على الآخر (¬1).
ومما يدل على تأكيد السلام على كل أحد أن الله تعالى قد أمر الداخل بيتًا غير مسكون بالسلام عند دخوله، وروي عن ابن عباس والنخعي وعلقمة وعطاء وعكرمة وقتادة في قوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا على أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61] قالوا: إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإن الملائكة ترد عليك. وهذا يدل أن الداخل بيتًا مسكونًا أولى بالسلام (¬2).
وروى ابن وهب، عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم أنه - عليه السلام - قال: "إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها، واذكروا اسم الله؛ فإن أحدكم إذا سلم حين يدخل بيته، وذكر اسم الله على طعامه، يقول الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم هنا ولا عشاء. وإذا لم يسلم إذا دخل ولم يذكر اسم الله على طعامه، قال الشيطان لأصحابه: أدركتم المبيت والعشاء" (¬3).
¬__________
(¬1) رواه عنه عبد الرزاق 10/ 388 (19446).
(¬2) الطبري 9/ 356 - 357 - 358، "تفسير ابن أبي حاتم" 8/ 2650 - 2651.
(¬3) رواه الحاكم في "المستدرك" 2/ 401 - 402 من طريق محمد بن الحسن بن أبي الحسن عن عبد الله بن الحارث بن فضيل عن أبيه عن جابر بن عبد الله، بنحوه. قال الحاكم: حديث غريب الإسناد والمتن في هذا الباب، ومحمد بن الحسن المخزومي أخشى أنه ابن زبالة، ولم يخرجاه.
والحديث رواه مسلم (2018) من طريق أبي الزبير عن جابر مرفوعًا: "إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله وعند طعامه .. " الحديث.

الصفحة 45