الطوسي: انتبر الجرح إذا ورم، ويقال: سمعت نبرات من كلامه أي: ارتفاعات من صوته. وقال أبو عبيد: منتبرا: منتفطًا. ومنه حديث عمر: إياكم والتخلل بالقصب، فإن الفم ينتبر منه. ولما قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله ما تهمز؟، قال: "إنا معشر قريش لا ننبر". والنبر: الهمز، ولم تكن قريش تهمز في كلامها. وصلى الكسائي مع المهدي؛ فهمز بالمدينة، فأنكر أهل المدينة همزه عليه، وقالوا: تنبر في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟!
والمعنى: أن الأمانة لم يبق منها في قلوب الرجال إلا مثل هذه الآثار التي ضرب بها المثل، وقد ذهبت، وزال عن القلوب شيئًا فشيئًا، وزال (منها) (¬1) نورها، وخلفه ظلمة كالكوكب، إذا زال منه شيء (آخر) (¬2) صار كالمجل، وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة، وهذِه الظلمة فوق التي قبلها.
فصل:
ترجم البخاري على هذا الحديث في كتاب الفتن كما ستعلمه باب: إذا بقي في حثالة من الناس (¬3). وكأن مراده أن فاعل هذا هو.
والحثالة مذكورة من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (¬4). رواه ابن وهب، عن يعقوب بن (عبد الله بن) (¬5) عبد الرحمن، عن عمرو مولى المطلب، عنه، وليس هو على شرطه،
¬__________
(¬1) في الأصل: (يجرمها).
(¬2) من (ص2).
(¬3) سيأتي برقم (7086).
(¬4) رواه ابن حبان في "صحيحه" 13/ 279، والطبراني في "الأوسط" 8/ 334.
(¬5) من (ص2).