واستراحوا من تعب المباهاة، والمفاخرة والتذوا بما قسم لهم، وكان لهم فيه صلاح ذات البين، وارتفاع الحسد والشح.
روى النعمان بن بشير، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "للشيطان (مصائد) (¬1) وفخوخ، منها البطر بما أنعم الله، والفخر بعطاء الله، والتكبر على عباد الله" (¬2).
فصل:
وتواضعه - عليه السلام - معلوم لا يخفى، ومنه أنه لما دخل مكة جعل الناس يقولون: هو هذا، هو هذا، فجعل يحني ظهره على الرحل، ويقول: "الله أعلى وأجل" (¬3).
وهذِه سيرة السلف المهديين؛ روى سفيان، عن أيوب الطائي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام عرضت له مخاضة، فنزل عن بعيره، ونزع خفيه، فأمسكهما بيده، وخاض الماء ومعه بعيره؛ فقال له أبو عبيدة: قد صنعت اليوم صنعًا عظيمًا عند أهل الأرض فصك في صدره، وقال له: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبون العز في غيره يذلكم الله (¬4).
¬__________
(¬1) في هامش الأصل: (مضال).
(¬2) رواه البيهقي في "الشعب" 6/ 287، والديلمي في "الفردوس" 1/ 208، وضعفه الألباني في "الضعيفة" (2463).
(¬3) سلف برقم (3039)، (4043) والروايات التي وقفت عليها توضح أنه - صلى الله عليه وسلم - قالها في غزوة أحد. والله أعلم.
(¬4) رواه الحاكم في "المستدرك" 1/ 61 - 62، 3/ 82، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الألباني في "الصحيحة" (51).