كتاب خطط الشام (اسم الجزء: 2)

الدولة النورية
من سنة 522 إلى سنة 569
فتنة الإسماعيلية ووقعة دمشق
لم يكف الشام تفرق كلمة أمرائه واستصفاء الفرنج لسواحله في الربع الأول من القرن السادس، حتى مُني بعدو داخلي يقاتل أهله في عُقر دارهم ويستنجد بالفرنج على إرهاقه، ونعني بهم الباطنية الذين كانوا يسمون القرامطة قديماً ويدعون في هذا الدور بالباطنية أو الإسماعيلية. فقد انتشر مذهبهم في كل بلد وكثر الدعاة إليه، وكانت دار الدعوة في حلب ودمشق، موطن التنفيذ والعمل. فإن أَبناءَ هذا المذهب ودوا لو يؤسسون دولة في العراق أو الشام، ولكنهم أخفقوا غير مرة، ولما شعروا بضعف أمراء الشام وتشتتهم، واشتغال قلوب معظمهم بقتال الصليبيين، أَيقنوا أن الفرصة قد سنحت فسار داعيتهم بهرام من العراق إلى الشام، ودعا بدمشق إلى مذهبه، فتبعه خلق كثير من العوام وسفهاء الجهال والفلاحين، وواثقه الوزير المزدقاني فأظهر دعوته علناً، بعد أن كان يختفي ويطوف المعالم والمجاهل ولا يعلم به أحد، فعظمت به وبشيعته المصيبة. وسكت عن هؤلاء الباطنية العلماء وحملة الشريعة خوفاً من بطشهم، ولما استفحل أمرهم في حلب ودمشق اضطر صاحب دمشق طغتكين أن يسلمهم قلعة بانياس دفعاً لشرهم، ليسلطهم على الفرنج ويقطع تسلطهم على المسلمين، فعدَّ الناس ذلك من غلطاته.
عظم أمر بهرام بالشام وملك عدة حصون بالجبال وقاتل أهل وادي التيم، وكان سكانه من النصيرية والدروز والمجوس وغيرهم، واسم أميرهم الضحاك بن جندل، ثم قتل بهرام وقام مقامه في قلعة بانياس رجل منهم اسمه إسماعيل، وأقام الوزير

الصفحة 3