كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط الهند) (اسم الجزء: 2)

<228> يومئذ ست عشرة سنة فرجع إلى بلده وعاش ستمائة واثنتين وثلاثين سنة وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ثم أورد عنه أحاديث ذكر أنه سمعها من أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال النجيب وذكر محمود أن عمره مائة وسبعون سنة قال النجيب ثم قدم علينا أناس من شيراز إلى القاهرة وأخبروني أنه حي وأنه قد رزق أولادا وقرأت قصته من وجه آخر مطولة بخط الأديب الفاضل صلاح الدين الصفدي في تذكرته وأنبأني عنه غير واحد شفاها أنه قرأ في تذكرة الأديب الفاضل علاء الدين الوداعي قلت وأنبأنا علي بن محمد بن أبي المجد شفاها عن الوداعي قال حدثنا جلال الدين محمد بن سليمان الكاتب بدار السعادة بدمشق أخبرنا أفضى القضاة نور الدين علي بن محمد بن الحسيني الحنفي سنة إحدى وسبعمائة بالقاهرة وأنبأنا غير واحد شفاها عن الإمام العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنفي قال أخبرني القاضي معين الدين عبد المحسن بن القاضي جلال الدين عبد الله بن هشام سنة سبع وثلاثين وسبعمائة قال أخبرني القاضي نور الدين قال أخبرنا جدي الحسين بن محمد قال كنت في زمن الصبا وأنا بن سبع عشرة سنة سافرت مع أبي وعمي من خراسان إلى الهند في تجارة فلما بلغنا أوائل بلاد الهند وصلنا إلى ضيعة من الضياع فعرج القفل نحوها فنزلوا بها فضج أهل القافلة فسألناهم عن ذلك فقالوا هذه ضيعة الشيخ رتن المعمر فلما نزلنا خارج الضيعة رأينا بفنائها شجرة عظيمة تظل خلقا عظيما وتحتها جمع عظيم من أهل الضيعة فبادر الكل نحو الشجرة ونحن معهم فلما رآنا أهل الضيعة رحبوا بنا فرأينا زنبيلا كبيرا معلقا في بعض أغصان تلك الشجرة فسألناهم فقالوا في هذا الزنبيل الشيخ رتن الذي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له بطول العمر ست مرات فسألناهم أن ينزلوا الشيخ لنسمع كلامه وحديثه فتقدم شيخ منهم إلى الزنبيل وكان ببكرة فأنزله فإذا هو مملوء بالقطن والشيخ في وسط القطن ففتح رأس الزنبيل فإذا الشيخ فيه كالفرخ فحسر عن وجهه ووضع فمه على أذنه وقال يا جداه هؤلاء قوم قد قدموا من خراسان وفيهم شرفاء من أولاد النبي صلى الله عليه وسلم وقد سألوا أن تحدثهم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا قال لك فعند ذلك تنفس الشيخ وتكلم بصوت كصوت النحل بالفارسية ونحن نسمع ونفهم فقال سافرت مع أبي وأنا شاب من هذه البلاد إلى الحجاز في تجارة فلما بلغنا بعض أودية مكة وكان المطر قد ملأ الأودية فرأيت غلاما أسمر اللون مليح الكون حسن الشمائل وهو يرعى إبلا في تلك الأودية وقد حال السيل بينه وبين إبله وهو يخشى من خوض الماء لقوة السيل فعلمت حاله فأتيت إليه وحملته وخضت السيل إلى عند إبله من غير معرفة سابقة فلما وضعته عند إبله نظر إلي وقال بالعربية بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك فتركته ومضيت إلى حال سبيلي إلى أن دخلنا مكة وقضينا ما أتينا له من أمر التجارة وعدنا إلى الوطن فلما تطاولت المدة على ذلك كنا جلوسا في فناء ضيعتنا هذه في ليلة مقمرة ليلة البدر والبدر في كبد السماء إذ نظرنا إليه وقد انشق نصفين فغرب نصف في المشرق ونصف في المغرب ساعة زمانية وأظلم الليل ثم طلع النصف الأول من المشرق والنصف الثاني من المغرب إلى أن التقيا في وسط السماء كما كان أول مرة فتعجبنا من ذلك غاية العجب ولم نعرف §

الصفحة 228