كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

بوجوب الصلاة إذا عدم الماء فأمره بالتيمم ولم يأمره بالإعادة (١)، وعذر الذين
---------------
(١) هي قصة وقعت لأبي ذر رواها مطولةً أبو داود (٣٣٢) في الطهارة: باب الجنب يتيمم، وابن حبان (١٣١١) و (١٣١٢)، والحاكم (١/ ١٧٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٢٠) من طريق خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بُجدان عن أبي ذر وذكرها.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه إذ لم نجد لعمرو بن بُجْدان راويًا غير أبي قلابة الجرمي، وهذا مما شرطت فيه، وثبت أنهما خرجا مثل هذا في مواضع من الكتابين" ووافقه الذهبي.
أقول: عمرو بن بُجْدان هذا ذكره ابن حبان في "الثقات" ووثقه العجلي. وتوثيقهما معروف، وذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا وقال ابن القطان: لا يعرف له حال. وكذا قال ابن حجر في "التقريب".
أما الحافظ ابن دقيق العيد فرد على ابن القطان كما -في "نصب الراية" (١/ ١٤٩) - فقال: ومن العجب كون ابن القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بُجْدان مع تفرده بالحديث وأي فرق بين أن يقول: هو ثقة أو يصحح له حديثًا انفرد به؟ وإن كان توقف عن ذلك لكونه لم يرو عنه إلا أبو قلابة، فليس هذا مقتضى مذهبه، فإنه لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال، فكذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضي تعديله وهو تصحيح الترمذي.
أقول: هنا أمران:
الأول: تصحيح الترمذي لحديث لا يعني توثيق رواته وذلك لأن الإمام الترمذي معروف عنه بالاستقراء أنه لا يحكم على السند وإنما يحكم بمجموع طرق الحديث، وهذا الحديث جاء في آخره: "الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو عشر حجج فإن وجد الماء فليمسّ بشرته الماء" وهو الجزء الذي رواه الترمذي (١٢٤) وهذا له شواهد.
الثاني: أن رواية واحد أو اثنين أو أكثر عن راو لا تعتبر توثيقًا له هذا هو الأصل وإنما العبرة بتصريح أحد علماء الجرح والتعديل أو أكثر بالتوثيق، لكن عُرف بالاستقراء -كما قال الذهبي- أن رواية جماعة من الثقات عن راو مما يُحسِّن أمره، أما هنا فلم يرو عنه إلا أبو قلابة فقط ولم ينص أحد على توثيقه فهو إذن على الجهالة.
والحديث رواه ابن أبي شيبة (١/ ١٥٦ - ١٥٧)، وأحمد (٥/ ١٤٦) والطيالسي (٤٨٤)، وأبو داود (٣٣٣)، والدارقطني (١/ ١٨٧) من طرق عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر عن أبي ذر.
ورواه عبد الرزاق (٩١٢)، وأحمد (٥/ ١٤٦ - ١٤٧) من طريقين عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني قشير عن أبي ذر.
قال أحمد شاكر في تعليقه على "سنن الترمذي" (١/ ٢١٥): وهذا الرجل هو الأول نفسه لابن بني قشير من بني عامر كما في "الاشتقاق" لابن دريد (ص ١٨١) وهو عمرو بن بجدان نفسه، وفي السند اختلاف آخر ذكره الدارقطني في "علله" (٩/ ٢٥٢ - ٢٥٥): ثم قال: والقول قول خالد ومعناه. =

الصفحة 11