كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

وتركتم صريح القياس في التسوية بين نبيذ التمر والزبيب والعسل والحنطة ونبيذ العنب، وفرقتم بين المتماثلين، ولا فرق بينهما ألبتة، مع أن النصوص الصحيحة الصريحة قد سَوَّت (١) بين الجميع.
وفرَّقتم بين من معه إناءان طاهر ونجس فقلتم: يريقهما ويتيمم، ولا يتحرّى فيهما (٢)، ولو كان معه ثوبان كذلك يتحرى فيهما، والوضوء بالماء النجس كالصلاة في الثوب النجس، ثم قلتم: فلو كانت الآنية ثلاثة تحرى ففرقتم بين [الاثنين والثلاثة، وهو فرق بين] (٣) متماثلين، وهذا على أصحاب الرأي، وأما أصحاب الشافعي ففرقوا بين الإناء الذي كلّه بول وبين الإناء الذي نصفه فأكثر بول، فجوّزوا الاجتهاد بين الثاني والإناء الطاهر، دون الأول، وتركوا محض القياس في التسوية بينهما.
وقستم القيء على البول، وقلتم: كلاهما طعام أو شراب خرج من الجوف، ولم تقيسوا الجشوة (٤) الخبيثة على الفسوة ولم تقولوا: كلاهما ريح خارجة من الجوف.
وقستم الوضوء وغسل الجنابة على الاستنجاء وغسل النجاسة (٥) في صحته بلا نية، ولم تقيسوهما على التيمم وهما أشبه به من الاستنجاء، ثم تناقضتم فقلتم: لو انغمس جنب (٦) في البئر لأخذ الدلو ولم ينوِ الغسل لم يرتفع حدثه، كما قاله أبو يوسف ونقض أصله في أن مسَّ الماء لبدن الجنب يرفع حدثه وإن لم ينوِ، وقال محمد: بل يرتفع حدثه ولا يفسد الماء، فنقض أصله في فساد الماء الذي يرفع الحدث (٧).
---------------
= عن إبراهيم أنه قال: "لا بأس بسؤر السنور، إنما هي من أهل البيت". ووقع في (ق): "ولكن استحسن".
(١) في (ك): "ساوت".
(٢) انظر: "بدائع الفوائد" (٣/ ٢٥٩، ٢٧٣ و ٤/ ٢٨)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ١٢٩، ١٧٦).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٤) "الجشوة: نفس المعدة بالريح الخارج من الفم". (ط).
(٥) في (ن): "غسل الجنابة".
(٦) في (ق): "الجنب".
(٧) في اشتراط النية في الطهارة، انظر كلام المؤلف -رحمه اللَّه- في "تهذيب السنن" (١/ ٤٨)، و"بدائع الفوائد" (٣/ ١٨٦ - ١٩٣ مهم جدًا)، و"الخلافيات" للبيهقي (مسألة رقم ٧) مع تعليقي عليها.

الصفحة 14