كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

سارق الرداء بعدما وهبه إياه صَفْوَان (١)، وفرقتم بين ذلك وبين الرجل يزني بالأمة
---------------
(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٨٣٤)، وعنه الشافعي في "المسند" (٣٢٥)، والطبراني في "الكبير" (٧٣٢٥)، والطحاوي في "المشكل" (٢٣٨٣)، والبيهقي (٨/ ٢٦٥) عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد اللَّه بن صفوان: أن صفوان بن أمية قيل له: إنه من لم يهاجر هلك! فقدم صفوان بن أمية المدينة، فنام في المسجد، وتوسّد رداءه، فجاء سارق، فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أسرقت رداء هذا؟ " قال: نعم، فأمر به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تقطع يده، فقال صفوان: هو عليه صدقة. فقال: "هلا قبل أن تأتيني به" وهذا مرسل.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١١/ ٦١٢): "هكذا روى هذا الحديث جمهور أصحاب مالك مرسلًا، ورواه أبو عاصم النبيل عن مالك عن الزهري عن صفوان بن عبد اللَّه بن صفوان عن جده؛ قال: قيل لصفوان:. . . " وذكره بنحوه.
قال: "ولم يقل أحد فيما علمت في هذا الحديث عن صفوان بن عبد اللَّه بن صفوان عن جده؛ غير ابن عاصم -وهو النبيل-؛ ورواه شبابة بن سوار عن مالك عن الزهري عن عبد اللَّه بن صفوان عن أبيه".
قلت: رواية شبابة؛ أخرجها ابن ماجه (٢٥٩٥)، والطحاوي في "المشكل" (٢٣٨٤)، وابن عبد البر في "التمهيد" (١١/ ٢١٦).
ورواية أبي عاصم النبيل، أخرجها الطبراني (٧٣٢٥).
قال الطحاوي: "ووافق شبابة على هذا الإسناد في هذا الحديث أبو علقمة الفروي".
وإذا كان إسناد هذا الحديث كما ذكرنا، احتمل أن يكون الزهري قد سمعه من عبد اللَّه بن صفوان، عن أبيه، وسمعه من صفوان بن عبد اللَّه، فحدّث به مرة هكذا ومرة هكذا، كما يفعل في أحاديثه عن غيرهما ممن يحدث عنه.
فإن قال قائل: أفيتهيأ في سنه لقاء عبد اللَّه بن صفوان؟
قيل له: نعم ذلك غير مستنكر، لأن عبد اللَّه بن صفوان قُتل مع عبد اللَّه بن الزبير في اليوم الذي قتل فيه من سنة ثلاث وسبعبن، والزهري يومئذ سنّه أربع عشرة سنة، لأن مولده كان في السنة التي قتل فيها الحسين بن علي -رضي اللَّه عنهما-، وهي سنة إحدى وستين.
فقال قائل: فقد يجوز أن يكون عبد اللَّه بن صفوان هو ابن عبد اللَّه بن صفوان.
قيل له: ما نعلم لصفوان بن عبد اللَّه ابنًا أُخذ عنه شيء من العلم، وإنما عبد اللَّه بن صفوان بن أمية" انتهى.
قلت: ولحديث صفوان هذا طرق عديدة يصح بمجموعها.
أخرجها أحمد (٣/ ٤٠١ و ٦/ ٤٦٥، ٤٦٦)، والنسائي (٨/ ٦٨ - ٧٠)، وأبو داود (٤٣٩٤)، وابن الجارود (٨٢٨)، والدارقطني (٣/ ٢٠٤ - ٢٠٦)، والحاكم (٤/ ٣٨٠)، والطحاوي (٢٣٨٥ - ٢٣٨٩)، والطبراني (٧٣٣٨ - ٧٣٤١)، والبيهقي (٨/ ٢٦٧).
وصحح هذا الحديث جمع من العلماء.
انظر: "التمهيد" (١١/ ٢١٥ - ٢٢٠)، "بيان الوهم والإيهام" (١/ ٩٠)، "تنقيح التحقيق" =

الصفحة 18