كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

ثم يملكها فلم تروا ذلك مسقطًا للحد، مع أنه لا فرق بينهما.
وقستم قياسًا أبعد من هذا فقلتم: إذا قُطع بسرقتها مرة ثم عاد فسرقها لم يقطع به ثانيًا، وتركتم محض القياس على ما إذا زنى بامرأةٍ فحُدَّ بها ثم زنى بها ثانية فإن الحد لا يسقط عنه، ولو قذفه [فَحُدَّ ثم قَذَفه] (١) ثانيًا لم يسقط [عنه] (٢) الحد.
وقستم نذر صوم يوم العيد في الانعقاد ووجوب الوفاء على نذر صوم اليوم القابل له شرعًا، وتركتم محض القياس وموجب السنّة (٣)، ولم تقيسوه على صوم يوم الحيض، وكلاهما غير محل للصوم شرعًا فهو بمنزلة الليل.
وقستم وجعلتم المحتقن بالخمر كشاربها في الفطر بالقياس، ولم تجعلوه كشاربها في الحد؛ وقستم (٤) الكافر الذمي والمعاهد على المسلم في قتله به، ولم تقيسوه (٥) على الحربي في إسقاط القود.
ومن المعلوم قطعًا أن الشبه الذي بين المعاهد والحربى أعظم من الشبه الذي بين الكافر والمسلم، واللَّه سبحانه [وتعالى] (٦) قد سوى بين الكفار كلهم في إدخالهم [نار] (٦) جهنم، وفي قطع الموالاة بينهم وبين المسلمين، [وفي عدم التوارث بينهم وبين المسلمين] (٦)، وفي منع قبول شهادتهم على المسلمين، وغير ذلك، وقطع المساواة بين المسلمين والكفار؛ فتركتم محض القياس -وهو التسوية بين ما سوى (٧) اللَّه بينه- وسويتم بين ما فرّق اللَّه بينه.
ومن العجب أنكم قِسْتُمُ المؤمنَ على الكافر في جَريان القصاص بينهما في النفس والطرف، ولم تقيسوا العبد المؤمن على الحُرِّ في جريان القصاص بينهما في الأطراف؛ فجعلتم حرمة عدوِّ اللَّه الكافر في أطرافه أعْظَمَ من حرمة وليه المؤمن (٨)،
---------------
= (٣/ ٣٢٤)، "نصب الراية" (٣/ ٣٦٨)، "التلخيص الحبير" (٤/ ٦٤)، "نيل الأوطار" (٧/ ٣٧٥).
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) سيأتي تخريج الأحاديث المشار إليها.
(٤) في (ق) و (ك): "وقاسوا".
(٥) في (ق): "ولم يقيسوه".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) في (ق) و (ك): "ما يسوي".
(٨) انظر: "تهذيب سنن أبي داود" (٦/ ٣٣٠)، و"الصواعق المرسلة" (١/ ١٤٦)، و"مفتاح دار السعادة" (ص ٤٣٥)، وانظر كتاب: "أحكام الجناية" (ص ١٦٧ - ١٧٣) للشيخ الفاضل بكر أبو زيد -حفظه اللَّه-.

الصفحة 19