كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

وكان نقص المؤمن العبودية (١) الموجب للأجرين عند اللَّه أنقص عندكم من نقص الكفر، وقلتم: يقتل الرجلُ بالمرأة، ثم ناقضتم فقلتم: لا يؤخذ طرفه بطرفها، وقلتم: يقتل العبد بالعبد وإن كانت قيمة أحدهما مئة درهم و [قيمة] (٢) الآخرة مئة ألف درهم، ثم ناقضتم فقلتم: لا يؤخذ طرفه بطرفه، إلا أن تتساوى قيمتهما، فتركتم (٣) محض القياس؛ فإن اللَّه سبحانه ألغى التفاوتَ بين النفوس والأطراف في الفضل لمصلحة المكلفين، ولعدم ضبط التساوي؛ فألغيتم ما اعتبره اللَّه [سبحانه] (٤) من الحكمة والمصلحة، واعتبرتم ما ألغاه من التفاوت، وقستم قوله: "إن كَلَّمتُ فلانًا أو بايعته فامرأتي طالق [وعبدي حر" على ما إذا قال: "إن أعطيتني ألفًا فأنت طالق] (٤) " ثم عديتم ذلك إلى قوله: "الطلاق يلزمني لا أكلم فلانًا" ثم كلّمه، ولم تقيسوه على قوله: "إن كلّمت فلانًا فعليَّ صومُ سنة، أو حج إلى بيت اللَّه، أو فمالي صدقة" وقلتم: هذا يمينٌ (٥) لا تعليق مقصود؛ فتركتم محض القياس؛ فإن (٦) قوله: "الطلاق يلزمني لا أكلم فلانًا" يمين لا تعليق، وقد أجمع الصحابة على أن قصد اليمين في العتق يمنع من وقوعه، وحكى غيرُ واحدٍ إجماع الصحابة أيضًا على أن الحالف بالطلاق لا يلزمه الطلاق إذا حنث، وممن حكاه أبو محمد بن حزْم (٧)، [وحكاه] أبو القاسم عبد العزيز بن إبراهيم (٨) بن أحمد بن علي التميمي (٩) المعروف بابن بَزيزة (١٠) في كتابه المسمى بـ"مصالح
---------------
(١) في (ق) و (ك): "فكأن نقص العبودية".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك) ووقع في (ق): "والآخر مئة".
(٣) في (ق) و (ك): "وتركتم".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) في (ق) و (ك): "هذا نهي".
(٦) في (ق) و (ك): "وإن".
(٧) فقال: "واليمين بالطلاق لا يلزم، وسواء بر أو حنث لا يقع به طلاق، ولا طلاق إلا كما أمر اللَّه عز وجل، ولا يمين إلا كما أمر اللَّه عز جل على لسان رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، برهان ذلك: قول اللَّه عز وجل: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ}، وجميع المخالفين لنا ههنا لا يختلفون في أن اليمين بالطلاق والعتاق والمشي إلى مكة وصدقة المال؛ فإنه لا كفارة عندهم في حنثه في شيء منه إلا بالوفاء بالفعل، أو الوفاء باليمين، فصح بذلك يقينًا أنه ليس شيء من ذلك يمينًا؛ إذ لا يمين إلا ما سماه اللَّه تعالى يمينًا" انظر: "المحلى" (١٠/ ٢١١ - ٢١٢/ مسألة: ١٩٦٩).
(٨) في (ق) و (ك): "عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم" وبدل ما بين المعقوفتين في (ق): "وحكى".
(٩) في (ق) و (ك): "التيمي".
(١٠) هو الفقيه المفسر أبو محمد عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد القرشي التميمي المالكي، توفي سنة (٦٦٠ هـ). =

الصفحة 20