كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

عليه ويتوارثان (١)، وهذا صريح في أَنَّ يمين الطلاق لا يلزم (٢)، ولا تطلق الزوجة بالحنث فيها، ولو حنث قبل (٣) موته لم يتوارثا، فحيث أثبت التوارث دلّ على أَنَّها زوجة عنده، وكذلك عكرمة مولى ابن عباس أيضًا عنده يمين الطلاق لا يلزم، كما ذكره عنه سُنيد (٤) بن داود في "تفسيره" في سورة النور عند قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور: ٢١] ومن العجب أنكم قلتم: [إذا قال] (٥): "إن شَفى اللَّه مريضي فعليَّ صوم شهر، أو صدقة، أو حَجة" (٦) لزمه لأنه قاصدٌ للنذر، فإذا قال: "إن كَلَّمتُ فلانًا فعليَّ صوم، أو صدقة" لم يلزمه (٧)؛ لأنه نذرُ لجاجٍ وغضب، فهو يمين فيه كفارة اليمين؛ فجعلتم قَصْده لعدم الوقوع مانعًا من ثلاثة أشياء: إيجاب ما التزم (٨)، ووجوبه عليه، ووقوعه (٩).
وقلتم: لو قال: "إن فعلت كذا فعليَّ الطلاق" وفعله لَزِمه، ولم يمنع قصد الحلف من وقوعه، وهو أبغض الحلال إلى اللَّه (١٠)، ومنع من وجوب القُرُبات
---------------
(١) أخرجه عبد الرزاق بنحوه (رقم ١١٣١٠)، ومن طريقه ابن حزم.
(٢) في (ق): "تلزم".
(٣) في (ق): "قبيل".
(٤) في (ك): "سعيد".
(٥) في (ق): "إن قال" وسقط من (ك).
(٦) في (ن) و (ق): "أو حج".
(٧) في (ق): "يلزم".
(٨) في (ق) و (ك): "إيجاب بالتزام".
(٩) في (ن) و (ك) و (ق): "ووقوعه عليه".
(١٠) يشير إلى حديث: "أبغض الحلال إلى اللَّه الطلاق"، وهو ضعيف.
أخرجه أبو داود في "السنن" (كتاب الطلاق): باب كراهية الطلاق (٢/ ٢٥٥ رقم ٢١٧٨)، ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (٧/ ٣٢٢)، وابن عدي في "الكامل" (٦/ ٢٤٥٣) من طريق محمد بن خالد الوهبي عن معرِّف بن واصل عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعًا.
وإسناده ضعيف، شذ محمد بن خالد الوهبي في وصله؛ فرواه من هو أوثق منه وأكثر عددًا فأرسلوه، وهذا البيان.
أخرجه أبو داود في "سننه" (رقم ٢١٧٧) -ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" (٧/ ٣٢٢): ثنا أحمد بن يونس، والبيهقي أيضًا (٧/ ٣٢٢) من طريق يحيى بن بُكير، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٢٥٣) من طريق وكيع بن الجراح، وعبد اللَّه بن المبارك في "البر والصلة" -كما في "المقاصد الحسنة" (١٢) -، وأبو نعيم الفضل بن دكين -كما قال الدارقطني في "العلل" (٤/ ق ٥٢/ ب) -، خمستهم عن معرَّف بن واصل عن محارب مرسلًا دون ذكر (ابن عمر) فيه، وهذا هو الصواب، وهو الذي رجحه أبو حاتم -كما في "العلل" (١/ ٤٣١) لابنه-، والدارقطني في "العلل" (٤/ ق ٥٢/ ب)، والخطابي في "معالم السنن" (٤/ ٢٣١)، وإليه مال البيهقي حيث رجح رواية أبي داود عن أحمد بن يونس المرسلة على رواية محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن أحمد بن يونس الموصولة - =

الصفحة 22