كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

التزام التطليق، وهذا غير الطلاق بلا شك، والثاني: إيقاع التطليق، وهو الطلاق بعينه الذي قال اللَّه فيه: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الطلاق لمن أخذ بالساق" (١). الثالث: صَيْرُورة (٢) المرأة طالقًا وبينونتها؛ فالقائل: "إن فعلتُ كذا فعليَّ الطلاق" لم يُرد هذا الثالث قطعًا، فإنه ليس إليه ولا من فِعْله، وإنَّما هو إلى الشارع، والمكلفُ إنما يلزم ما يدخل تحت مقدرته (٣) وهو إنشاء الطلاق؛ فلا فرق أصلًا بين هذا اللفظ وبين قوله: "فعليَّ أن أُطلِّق" فالتفريق بينهما تفريق بين متساويين، وهو عدول عن محض القياس من غير نص ولا إجماع ولا قول صاحب.
يوضحه أن قوله: "فالطلاق لازم لي" إنما هو فعله الذي يلزمه بالتزامه (٤)؛ وأما كونها طالقًا فهذا وصفها، فليس هو لازمًا له، وإنما هو لازم لها (٥)، فلينظر
---------------
(١) رواه ابن ماجه (٢٠٨١) من طريق يحيى بن عبد اللَّه بن بكير ثنا ابن لهيعة عن موسى بن أيوب الغافقي عن عكرمة عن ابن عباس به مطولًا، وفيه قصة.
وضعفه البوصيري في "مصباح الزجاجة" (١/ ٣٥٨) بابن لهيعة.
قلت: ومما يدل على ضعفه أنه رواه مرة أخرى مرسلًا؛ كما رواه الدارقطني (٤/ ٣٧)، ومن طريقه البيهقي (٧/ ٣٦٠)، وابن لهيعة توبع، فقد رواه الطبراني في "الكبير" (١١٨٠٠) من طريق يحيى الحماني عن يحبى بن يعلى عن موسى بن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به.
ويحيى الحماني ضعيف.
وله متابعة أخرى، فقد رواه الدارقطني (٤/ ٣٧)، والبيهقي (٧/ ٣٦٠) من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج الحجازي، حدثنا بقية بن الوليد حدثنا أبو الحجاج المهري عن موسى بن أيوب به.
وأحمد بن الفرج هذا ضعفه محمد بن عوف الطائي، وقال ابن عدي: ليس ممن يُحتج بحديثه، أو يُتدين إلا أنه يكتب حديثه، وقال ابن أبي حاتم: محله الصدق.
وله شاهد من حديث عصمة بن مالك رواه ابن عدي في "الكامل" (٦/ ٢٠٤٠)، والطبراني في "الكبير" (١٧/ ٤٧٣)، والدارقطني (٤/ ٣٧)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" من طريق الفضل بن المختار البصري عن عبيد اللَّه بن موهب عنه مرفوعًا.
وهذا إسناد ضعيف جدًا، الفضل هذا قال فيه أبو حاتم: أحاديثه منكرة يحدث بالأباطيل، وقال ابن عدي: وعامته مما لا يتابع عليه إما إسنادًا وإما متنًا.
(٢) في (ق): "والثالث تصيير" وفي (ك): "تصيير".
(٣) في (ن) و (ق) و (ك): "قدرته".
(٤) في (ق) و (ك): "إن فعله هو الذي يلزم بالتزامه".
(٥) في (ق) و (ك): "فليس هو لازمًا [لها]، وإنما هو لازم له"، وما بين المعقوفتين هنا سقط من (ك).

الصفحة 25