كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

اللبيبُ المُنصفُ الذي العلمُ أحب إليه من التقليد إلى مقتضى القياس المحض واتباع الصحابة -رضي اللَّه عنهم- (١) والتابعين في هذه المسألة، ثم ليختر لنفسه ما شاء، واللَّه الموفق.
ثم [ناقضتم] (٢) أيضًا من وجه آخر فقلتم: لو قال: "إن حلفتُ بطلاقك أو وقع مني يمين بطلاقك" أو لم يَقُل: بطلاقك، بل قال: "متى حلفتُ أو أَوقعتُ (٣) يمينًا فأنتِ طالق" ثم قال: "إن كَلَّمتُ فلانًا فأَنت طالقٌ" حنث وقد وقع عليه الطلاق؛ لأنه قد حلف وأوقع اليمين، فأدخلتم الحلف بالطلاق في اسم اليمين والحلف في كلام [المكلف، ولم تدخلوه في اسم اليمين والحلف في كلام] (٤) اللَّه ورسوله، وزعمتم أنكم اتبعتم في ذلك القياس والإجماع، وقد أريناكم مخالفتكم لصريح القياس مخالفة لا يمكنكم الانفكاك عنها بوجه، ومخالفتكم للمنقول عن الصحابة والتابعين كأصحاب ابن عباس؛ فظهر عند المنصفين أَنَّا أَولى بالقياس والاتِّباع منكم في هذه المسألة، وباللَّه التوفيق.
وقلتم: لو شهد عليه أربعة بالزنا فصَدَّق الشهود سقط عنه الحد (٥) وإن كَذَّبهم أُقيم عليه الحد؛ وهذا من أفسد قياس (٦) في الدنيا؛ فإن تصديقهم إنما زادهم قوة، وزاد الإمام يقينًا وعلمًا أعظم من العلم الحاصلِ بالشهادة وتكذيبه، وتفريقكم -بأن البيِّنة لا [يُعمل بها إلا] (٧) مع الإنكار فإذا أقرَّ فلا عمل للبينة، و [الإقرار مرةً لا يكفي فيسقط الحد- تفريقٌ باطلٌ؛ فإن العمل هاهنا بالبينة] (٨) لا بالإقرار، وهو إنما [صدر منه تصديق البينة التي وجب الحكم بها بعد الشهادة، فسواء أقر أو لم يقر؛ فالعملُ إنما] (٨) هو بالبينة (٩).
وقلتم: لو وجد الرجلُ امرأة في فراشه فظنَّ أنها امرأته [فوطئها (١٠) حُدَّ حَدَّ الزنا]، ولا يكون هذا شبهة مسقطة للحد، [ولو عقد على ابنته أو أُمِّه ووطئها كان ذلك شبهةً مسقطة للحد] (٨)، ولو حبلت امرأة لا زوج لها ولا سيد وولدت مرة
---------------
(١) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٣) في (ق): "أو واقعت".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٥) في (د): "الحسد".
(٦) في (ك): "القياس".
(٧) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "تعمل"، وفي (ق): "تعمل إلا".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٩) انظر كتاب: "الحدود والتعزيرات" (ص: ١٥٩ - ١٦٠) للشيخ بكر أبو زيد.
(١٠) زاد هنا في (ك): "شبهة مسقطة للحد" والعبارة في (ق): "فوطئها حد شبهة مسقطة للحد حد الزنا".

الصفحة 26