كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

القيء: إنْ كان ملء الفم فهو حَدَث (١)، وإن كان دون ذلك فليس بحدث، [ولا يُعرف في الشريعة شيء يكون كثيره حدثًا دون قليله، وأما النوم فليس بحدث] (٢)، وإنما هو مظنة فاعتبر (٣) ما يكون مظنة وهو الكثير، وفرَّقتم بين ما جمع اللَّه بينه فقلتم: لو فتح على الإمام في قراءته لم تبطل صلاته، ولكن تُكره (٤)؛ لأن فتحه قراءة منه، والقراءة خلف الإمام مكروهة، ثم قلتم: فلو (٥) فتح على قارئ غير إمامه بطلت صلاته؛ لأن فتحه عليه مخاطبة له فأبطلت الصلاة (٦)، ففرقتم بين متماثلين؛ لأن الفتح إن كان مخاطبة في حق غير الإمام فهو مخاطبة في حق الإمام (٧)، وإن لم يكن مخاطبة في حق الإمام فليس بمخاطبة في حق غيره، ثم ناقضتم من وجه (٨) آخر أعظم مناقضةً فقلتم: لو نوى (٩) الفَتْح على غير الإمام خرج عن كونه قارئًا إلى كونه مُخاطِبًا بالنية، ولو نوى الربا الصريح والتحليل الصريح وإسقاط الزكاة بالتمليك الذي اتخذه حِيلة لم يكن مرابيًا ولا مسقطًا للزكاة ولا محللًا بهذه النية (١٠).
فياللَّه العجب! كيف أَثَّرت نية الفتح والإحسان على القارئ وأخرجته عن كونه قارئًا إلى كونه مخاطبًا ولم تُؤثِّر نية الربا والتحليل مع إساءته بهما وقصده نفس ما حرمه (١١) اللَّه فتجعله مرابيًا محللًا؟ وهل هذا إلا خروج عن محض القياس وجمع بين ما فرّق الشارع بينهما وتفريق بين ما جمع بينهما؟
وقلتم: لو اقتدى المسافر بالمقيم بعد خروج الوقت لا يصح اقتداؤه، ولو اقتدى المقيم بالمسافر بعد خروج الوقت صح اقتداؤه.
وهذا تفريق بين متماثلين، ولو ذهب ذاهب إلى عكسه لكان من جنس قولكم سواء، ولأمكنه تعليله بنحو ما عَلَّلتم به.
ووجَّهتم (١٢) الفرق بأَنَّ مِنْ شرط صحة اقتداء المسافر بالمقيم أن ينتقل فرضُه إلى فرض إمامه، وبخروج الوقت استقر الفرض عليه استقرارًا لا يتغير بتغير
---------------
(١) انظر تفصيل المسألة وأدلتها في "الخلافيات" (مسألة رقم ٢١ - بتحقيقي).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٣) في المطبوع: "وإنما هو مظنته فاعتبروا".
(٤) في (ق): "يكره".
(٥) في (ق): "لو".
(٦) في (ق): "فأبطلتم الصلاة".
(٧) في (ق) و (ك): "في حقه".
(٨) في (ن): "في وجه".
(٩) في المطبوع: "لما نوى".
(١٠) في (ن): "ولا محلَّلًا ولا مسقطًا".
(١١) في (ق): "حرم".
(١٢) في (ك): "وجمعتم".

الصفحة 41