كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: ٢٦٧]، وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ (١)} [البقرة: ١٧٧]، وقال (٢): {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} [الإنسان: ٨] وسُئل النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أفضل الرقاب فقال: "أغلاها ثمنًا وأَنفَسُها عند أهلها" (٣) ونذر عمر أن ينحر (٤) نجيبةً فأعطى بها نجيبتين، فسأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أَن يأخذَهما بها وينحرهما، فقال: "لا، بل انحرها إياها" (٥) فاعتبر في الأضحية عين المنذور دون ما يقوم مقامه وإن كان أكثر منه، فلأن يُعتبر في الزكاة نفس الواجب دون ما يقوم مقامه ولو كان أكثر منه أولى وأحرى.
وطرد قياسكم أنه لو وجب عليه أربعُ شياهٍ جياد فأخرج عشرة مِنْ أردأ الشياه وأهزلها وقيمتهن قيمة الأربع، أو وجب عليه أربع حقاق (٦) جياد فأخرج عشرين ابن لبون من أردأ الإبل وأهزلها أنه يجوز، فإن منعتم ذلك نقضتم (٧) القياس، وإن طردتموه تيممتم الخبيث منه تنفقون، وسلَّطتم رب المال على إخراج رديئه ومعايبه عن جَيِّده، والمرجع في التقويم إلى اجتهاده، وفي هذا من مخالفة الكتاب والميزان ما فيه.
---------------
(١) في (ق): "على حبه ذوي القربى".
(٢) في (ق) و (ك): "وقوله".
(٣) أخرجه البخاري في "الصحيح" (كتاب العتق): باب أيُّ الرقاب أفضل (٥/ ١٤٨/ رقم ٢٥١٨) عن أبي ذر -رضي اللَّه عنه-.
(٤) في (ق): "ونذر عمر نحر".
(٥) روى البخاري في "التاريخ" (٢/ ٢٣٠)، وأبو داود (١٧٥٦)، ومن طريقه البيهقي (٥/ ٢٤١ - ٢٤٢) من طريق أبي عبد الرحيم عن جهم بن الجارود عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن أبيه قال: "أهدى عمر بن الخطاب نجيبًا فأعطى بها ثلاث مئة دينار، فأتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، إني أهديت نجيبًا، فأعطيت بها ثلاث مئة دينار، أفأبيعها واشتري بثمنها بُدْنًا؟ قال: "لا، انحرها إياها".
وعزاه الحافظ في "التلخيص" لابن خزيمة، وابن حبان، وفيه الجهم بن جارود، وهو مجهول، لم يرو عنه غير أبي عبد الرحيم؛ كما ذكر الذهبي في "الميزان".
وسقطت "لا" من (ك) و (ق).
(٦) في (و): "حقائق"، وعلق قائلًا: "الحقاق من الإبل: جمع حق وحقة، وهو الذي دخل في السنة الرابعة، وعند ذلك يتمكن من ركوبه وتحميله، وابن اللبون وبنت اللبون ما أتى عليه سنتان، ودخل في الثالثة، فصارت الأم لبونًا، أي: ذات لبن؛ لأنها تكون قد حملت حملًا آخر، ووضعته" اهـ.
(٧) زاد هنا في (ك) و (ق): "ذلك".

الصفحة 48