كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)
واحتجوا بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جَرْحُ العَجْمَاء جُبَار" (١) في إسقاط الضمان بجناية المواشي، ثم خالفوه فيما دل عليه وأريد به، فقالوا: مَنْ ركب دابة أو قادها أو ساقها فهو ضامن لمن (٢) عَضَّتْ بفمها, ولا ضمان عليه فيما أتلفت برجلها.
واحتجوا على تأخير القَوَد إلى حين البرء بالحديث المشهور: "أن رجلًا طعن آخر في ركبته بقَرْنِ، فطلب القَوَد، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى يبرأ، فأبى، فأقاده قبل أن يبرأ" الحديث (٣)، وخالفوه في القصاص من الطعنة فقالوا: لا يقتص منها.
واحتجوا على إسقاط الحدِّ عن الزاني بأمة ابنه أو أم ولده بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنت ومالُكَ لأبيك" (٤) وخالفوه فيما دل عليه فقالوا: ليس للأب من مال ابنه شيء ألبتة، ولم يبيحوا له من مال ابنه عُودَ أراكٍ فما فوقه، وأوجبوا حبسه في دَيْنه وضمان ما أتلفه عليه.
---------------
(١) رواه البخاري (١٤٩٩) في الزكاة: باب في الركاز الخمس، و (٢٣٥٥) في الشرب: من حفر بئرًا في ملكه لم يضمن، و (٦٩١٢) في الديات: باب المعدن جبار، و (٦٩١٣) باب العجماء جبار، ومسلم (١٧١٠) في الحدود: باب جرح العجماء، من حديث هريرة وفيه زيادة.
و"العجماء: الدابة، والجبار: الهدر" (و).
(٢) في (ك) و (ق): "لما".
(٣) رواه أحمد ٢/ ٢١٦ من طريق محمد بن إسحاق وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن به قال الهيثمي (٦/ ٢٩٥ - ٢٩٦): ورجاله ثقات.
أقول: ظاهر الإسناد منقطع، ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن كما ذكر ابن عبد الهادي في "التنقيح" لكنه توبع، تابعه ابن جريج، أخرجه الدارقطني (٣/ ٨٨) , والبيهقي (٨/ ٦٧)، والحازمي في "الاعتبار" (ص ١٩٤) من طريق محمد بن حمران ابن جريج عن عمرو بن شعيب به.
ومحمد بن حمران: صدوق فيه لين.
وأخرجوه من طريق مسلم بن خالد أيضًا عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب به. ومسلم هذا ضعيف قال الحازمي: فإن صح سماع ابن جريج من عمرو بن شعيب فهو حديث حسن يقوى الاحتجاج به.
أقول: ابن جريج لم يصرّح بالسماع في كل طرقه: وله شاهد من حديث جابر رواه الدارقطني (٣/ ٨٩) والبيهقي (٨/ ٦٦) وقد أعل بالإرسال.
وشاهد آخر عن ابن عباس.
قال ابن التركماني: فهذا أمر قد روي من طرق عدة يشد بعضها بعضًا.
(٤) سبق تخريجه.