كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

قلنا: إذا كانت المسألة على هذا الوجه فلا بد أن يقول: أنت طالق أمس من غيري، أو ينوي ذلك، فينفعه حيث يدين؛ فأما إذا أطْلق فلا فرق بين العتق والطلاق.
فإن قيل: يمكن أن يطلقها بالأمس ثم يتزوجها اليوم.
قيل: هذا يمكن في الطلاق الذي [لم] (١) يُستوف إذا كان مقصوده الإخبار، فأما إذا قال: "أنت طالق أمس ثلاثًا" ولم يقل من زوج كان قبلي ولا نواه فلا فرق أصلًا بين ذلك وبين قوله للعبد: "أنت حرّ أمس" فهذا التفصيلُ هو محض القياس، وباللَّه التوفيق.
وجمعتم بين ما فرّقت السنّة بينهما فقلتم: يجب على البائن الإحداد كما يجب على المُتوفى عنها، والإحداد لم يكن من ذلك لأجل العدة، وإنما كان لأجل موت الزوج, والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نفى وأثبت وخصَّ (٢) الإحداد بالمتوفى عنها زوجها (٣)، وقد فارقت المبتوتة في وصف العدة وقدرها وسببها؛ فإن سببها الموت، وإن لم يكن الزوج دخل بها، وسبب عدة البائن الفراق وإن كان الزوج حيًا، ثم فرّقتم بين ما جمعت السنّة بينهما فقلتم: إن كانت الزوجة ذمية أو غير بالغة فلا إحداد عليها، والسنّة تقتضي التسوية كما يقتضيه القياس.
وفرّقتم بين ما جمع القياس المحض بينهما فقلتم: لو ذبح المُحرم صيدًا فهو ميتة لا يحل أكله، ولو ذبح الحلال صيدًا حَرَميًا فليس بميتة وأكله حلال، وفرّقتم بأن المانع من (٤) ذبح المحرم فيه، فهو كذبح المجوسي والوثني، فالذابح غير أهل، وفي المسألة الثانية الذابح أهل، والمذبوح محلٌّ للذبح إذا كان حلالًا،
---------------
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق)، واحتمله في هامش (ق).
(٢) تصحفت في (ق) إلى: "وحض".
(٣) أخرجه مسلم (١٤٩٠) (كتاب الطلاق): باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة: عن حفصة أو عن عائشة أو عن كلتيهما أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يحلّ لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر (أو: تؤمن باللَّه ورسوله) أن تحدّ على ميّتٍ فوق ثلاثة أيام، إلا على زوجها".
وأخرجه البخاري (٥٣٣٤، ٥٣٣٥، ٥٣٣٦) (كتاب الطلاق): باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرًا، ومسلم (١٤٨٦، ١٤٨٧، ١٤٨٩) (كتاب الطلاق): باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة عن أم حبيبة بنحوه.
وانظر حكم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في إحداد المعتدة نفيًا وإثباتًا في "زاد المعاد" (٤/ ٢٢٠ - ٢٢٦) للمؤلف -رحمه اللَّه-. وسقطت "زوجها" من (ك).
(٤) في المطبوع و (ك): "في".

الصفحة 53