كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 3)

فقالوا: القودُ يا رسول اللَّه، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لكم كذا وكذا" [فلم يرضوا [به] (١)، فقال النبي [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، (٢): "لكم كذا وكذا" فرضوا، فقال النبي (٣) -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنني خاطب [العشية] (١) على الناس ومخبرهم برضاكم" فقالوا (٤): نعم، فخطب رسول اللَّه (٥) -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إن هؤلاء أتوني يُريدون القصاص (٦)، فعرضت عليهم كذا وكذا، فقال النَّبيُّ] (٧): فَرَضوا، أرضيتُم؟ " فقالوا (٨): لا، فهمَّ المهاجرون بهم، فأمرهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يكفُّوا عنهم، فكفوا عنهم، ثم دعاهم فزادهم، فقال: أرضيتم؟ فقالوا (٨): نعم، [فقال: إني خاطبٌ على الناس ومخبرُهُم برضاكم، فقالوا: نعم، فخطب النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أرضيتم؟ قالوا: نعم] " (٩) وهذا صريحٌ في القَوَدِ في الشَّجّة، ولهذا صولحوا من القود مرة بعد مرة حتى رضوا، ولو كان الواجب الأَرْشُ (١٠) فقط لقال لهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين طلبوا القود: إنه لا حَقَّ لكم فيه (١١)، وإنما حقكم في الأرش.
فهذه سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا إجماع الصحابة، وهذا ظاهر القرآن، وهذا محض القياس؛ فعارض المانعون هذا كله بشيء واحد وقالوا: اللطمة والضربة لا يمكن فيهما المماثلة، والقصاص لا يكون إلَّا مع المماثلة. ونَظَرُ الصحابة أكمل وأصح وأتبع للقياس، كما هو اتبع للكتاب والسنّة، فإن المماثلة من كل وجه متعذرة، فلم يبق إلَّا أحد أمرين؛ قصاصٌ قريب إلى المماثلة، أو (١٢) تعزيرٌ بعيد منها، والأول أولى؛ لأنَّ التعزير لا يعتبر فيه جنس الجناية ولا قدرها، بل قد
---------------
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (د).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ق): "رسول اللَّه".
(٤) في (ق): "قالوا".
(٥) في (ق): "النبي".
(٦) في (ق): "القود".
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ك)، وسقطت "فرضوا" من (ق).
(٨) في (ق): "قالوا".
(٩) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٨٠٣٢)، ومن طريقه رواه أحمد (٦/ ٢٣٢)، وأبو داود (٤٥٣٤) في (الديات) باب العامل يُصاب على يديه خطأ، والنسائي (٨/ ٣٥) في (القسامة): باب السلطان يُصاب على يده، وابن ماجه (٢٦٣٨) في (الديات): باب الجارح يفتدي بالقود، وابن حبان (٤٤٨٧)، والبيهقي (٨/ ٤٩) عن معمر عن الزهري عن عروة عنها، وإسناده صحيح.
وما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(١٠) "الدية" (و).
(١١) في (ق) و (ك): "لا حظ لكم فيه".
(١٢) في (ق): "و".

الصفحة 72