١٤٠٥٣ - عن أبي صالح السَّمَّان، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال:
«جاء الفقراء إلى النبي صَلى الله عَليه وسَلم فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال، بالدرجات العلا، والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال، يحجون بها، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون، قال: ألا أحدثكم بأمر، إن أخذتم به أدركتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه، إلا من عمل مثله: تسبحون وتحمدون وتكبرون، خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين».
فاختلفنا بيننا (¬١)، فقال بعضنا: نسبح ثلاثا وثلاثين، ونحمد ثلاثا وثلاثين،
⦗٥٠٦⦘
ونكبر أربعا وثلاثين، فرجعت إليه، فقال: تقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين» (¬٢).
---------------
(¬١) قال ابن حجر: قوله: «فاختلفنا بيننا» ظاهره أن أبا هريرة هو القائل، وكذا قوله: «فرجعت إليه» وأن الذي رجع أَبو هريرة إليه هو النبي صَلى الله عَليه وسَلم وعلى هذا فالخلاف في ذلك وقع بين الصحابة، لكن بين مسلم في رواية ابن عَجلان، عن سمي، أن القائل «فاختلفنا» هو سمي، وأنه هو الذي رجع إلى أبي صالح، وأن الذي خالفه بعض أهله، ولفظه: «قال سمي: فحدثت بعض أهلي هذا الحديث، قال: وهمت، فذكر كلامه، قال: فرجعت إلى أبي صالح»، وعلى رواية مسلم اقتصر صاحب العمدة، لكن لم يوصل مسلم هذه الزيادة، فإنه أخرج الحديث عن قتيبة، عن الليث، عن ابن عَجلان، ثم قال: زاد غير قتيبة في هذا الحديث، عن الليث، فذكرها، والغير المذكور يحتمل أن يكون شعيب بن الليث، أو سعيد بن أبي مريم، فقد أخرجه أَبو عَوانة في «مستخرجه» عن الربيع بن سليمان، عن شعيب.
وأخرجه الجوزقي، والبيهقي، من طريق سعيد، وتبين بهذا أن في رواية عُبيد الله بن عمر، عن سمي، في حديث الباب إدراجا. «فتح الباري» ٢/ ٣٢٨.
- قلنا: هكذا بنى ابن حجر حكمه على الظن، وصرف ظاهر الحديث الوارد من طريق صحيح برواية مجهولة، مقطوعة، ثم قال: يحتمل أن يكون شعيب بن الليث، أو سعيد بن أبي مريم، قلنا: ولماذا لا يحتمل أن يكون غيرهما، بل الاحتمال الأكبر أن يكون عبد الله بن صالح كاتب الليث، لأنه راويه عنه عند البزار (٨٩٥٣)، وعبد الله هذا ليس بثقة, ومن هنا لا يمكن إعلال الطرق الصحيحة، وادعاء الإدراج فيها، بالظن، والاحتمالات، والأسانيد المقطوعة, ثم إن قول أبي صالح، في روايته عند مسلم: «فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم»، وإن كان مرسلا، والمرسل ليس بحجة، إلا أنه مثل مقطوع ابن حجر، ويتناقض معه، لكنه يتوافق مع ظاهر الرواية الصحيحة, وحتى هذه الرواية المقطوعة، لو جاءت متصلة، لكانت منكرة، لأن المتفرد بها هو محمد بن عَجلان، وهو سيئ الحفظ، ولا يحتج بما تفرد به.
(¬٢) اللفظ للبخاري (٨٤٣).