كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 30)

بحبله متمسك لانقطع به قبل الوصول إليه، لكن الله أدخر هذه الحسنة ليثقل بها ميزان ثوابه، ويخفف بها يوم القيامه حسابه. والسعيد من خفف حسابه، فهذه منقبة أبى الله إلا أن يخلدها فى صحف صنعه، ومكرمة [قضت «1» ] لهذا البيت الشريف النبوى بجمع شمله بعد أن حصل الإياس من جمعه» .
«وأمير المؤمنين يشكر الآن [لك] هذه الصنائع. ويعترف أنه لولا اهتمامك بأمره لا تسع الخرق على الرافع. وقد قلدك الديار المصرية والبلاد الشامية والديار الجزرية «2» ، والبكرية، والحجازية، واليمنية وما يتجدد من الفتوحات فورا ونجدا، وفوض أمر جندها ورعاياها إليك حتى أصبحت بالمكارم فردا: وما جعل منها بلدا من البلاد ولا حصنا من الحصون مستثنى ولا جهة من الجهات تعد فى الأعلى ولا فى الأدنى» .
فلاحظ أمور الأمة فقد أصبحت لثقلها حاملا، وخلص نفسك اليوم لك التبعات، ففى غد تكون مسئولا عنها لا سائلا. ودع الاغترار بأمر الدنيا، فما نال أحد منها طائلا، وما لحظها أحد بعين الحق إلا رآها خيالا زائلا، فالسعيد من قطع منها آماله الموصولة، وقدم لنفسه زاد التقوى فتقدمته غير التقوى مردودة لا مقبولة. وأبسط يدك بالإحسان والعدل، فقد امر الله بالعدل والإحسان. وكرر ذكره فى مواضع من القرآن، وكفر به عن المرء ذنوبا كتبت عليه آثاما، وجعل يوما واحدا منه كعبادة ستين عاما ما سلمك [أحد «3» ] سبيل العدل واجتنيت ثماره من أفنان، ورجع الأمن بعد

الصفحة 32