كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 30)

«ولا تخل الثغور من اهتمام بأمرها تبتسم له الثغور، واحتفال يبدل ما دجى من ظلماتها بالنور، واجعل أمرها على الأمور مقدما، وسد منها ما غادره العدو متداعيا متهدما. فهذه حصون يحصل منها [الانتفاع «1» ] وبها تحصم الأطماع، وهى على العدو داعية افتراق لا اجتماع» .
«وأولاها بالاهتمام ما كان البحر له مجاورا، والعدو إليه ملتفتا ناظرا، لا سيما ثغور الديار المصرية، فإن العدو وصل إليها رابحا، ورجع خاسرا، واستأصلهم الله فيما مضى حتى ما أقال منهم عائرا» .
«وكذلك الأصطول الذى ترى خيله كالأهلة وركائبه بغير سائق مستقلة، وهو أخو الجيش السليمانى، فإن ذلك غدت له الرياح حاملة وهذا تكفلت يحمله المياه السائلة. وإذا لحظها الظرف سائرة فى البحر كانت كالاعلام، وإذا شبهها قال هذه ليال تقلع فى أيام» .
«وقد سنى الله لك من السعادة كل مطلب، وأتاك من أصالة الرأى الذى يريك المغيب، وبسط بعد القبض منك الأمل، ونشط من السعاده ما كان قد كسل، وهداك إلى مناهج الحق وما زلت مهتديا إليها، وألهمك المراشد فلا تحتاج إلى تنبيه عليها، والله تعالى يؤيدك بأسباب نصره، ويوزعك شكر نعمه.
فإن النعم تستتم بشكره، بمنه وكرمه» .
ثم ركب السلطان وشق المدينة بعد أن زينت، وحمل التقليد الأمير جمال الدين النجيبى استاد الدار العالية، والصاحب الوزير بهاء الدين فى بعض الطريق «2»

الصفحة 35