كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 30)

ملابس العرب ويتزيا «1» بزيهم ويركب كمركبهم ويتخلق بأخلاقهم فى كثير من أفعاله، رحمه الله.
وقد حكى الشيخ قطب الدين اليونينى «2» ، نفع الله به، فى تاريخه، فى سبب وفاته، قال: حكى لى تاج الدين نوح بن شيخ السلامية «3» حكاية غربية معناها: أن أن الأمير عز الدين أيدمر العلائى نائب السلطنة بقلعة صفد حدثه بها، قال:
كان السلطان الملك الظاهر مولعا بالنجوم وما يقوله أرباب التقاويم، فأخبر أنه يموت بدمشق فى هذه السنة، سنة سبع وستين وستمائة، بالسم ملك «4» ، فحصل عنده من ذلك أثر كبير. قال: وكان الملك الظاهر عنده حسد شديد لمن يوصف بالشجاعة أو بذكر جميل، ولما دخل «5» الملك القاهر إلى الروم صحبة السلطان ظهر يوم المصاف عن شجاعة، وظهرت نكايته فى العدو حتى تعجب من فعله من شاهده، ورآه الملك الظاهر فتأثر منه، وانضاف إلى ذلك أن السلطان حصل منه فى ذلك اليوم فتور على خلاف عادته، وظهر عليه الندم كونه تورط فى بلاد الروم- بكلمة الملك القاهر فى ذلك الوقت- بكلام فيه إشارة إلى الإنكار وتقبيح فعله، فأثر ذلك عنده أثرا آخر، فلما عاد من غزاته وسمع الناس يلهجون بما فعله الملك القاهر تأثر من ذلك أيضا، وتخيل فى ذهنه أنه إذا سمّه فمات هو الذى ذكره أرباب النجوم لأنه يطلق عليه اسم ملك وله ذكر، فأحضره

الصفحة 382