كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 30)

الشافعى. وكانت وفاته عند أبيه بنوى فى يوم الأربعاء خامس عشر شهر رجب سنة ست وسبعين وستمائة، ومولده بنوى فى سنة إحدى وثلاثين وستمائة، فيكون مدة عمره خمسا «1» وأربعين سنة تقريبا. وكان رحمه الله تعالى كثير الورع والزهد واسع العلم له مصنفات مشهورة مفيدة منها: كتاب الروضة فى الفقه؛ عليه تعتمد الشافعية وبه يحتجون غالبا، وشرح مسلم، ورياض الصالحين، وكتاب الأذكار، وشرح التنبيه، ومات قبل أن يكمله. ولم يكن فى زمانه مثله فى ورعه وزهده، وكان لا يأكل إلا مما يأتيه من جهة أبيه من نوى، فكان يخبز له الخبز بها ويقمرّ ويرسل إليه فيأكل منه، وما كان يجمع بين إدامين، فيأكل إما الدبس أو الخل أو الزيت أو الزبيب، ويأكل اللحم فى كل شهر مرة. وكان يتولى دار الحديث الأشرفية، فيجمع المباشر للوقف جامكيته بها، ثم يستأذنه فيما يفعل بها إذا اجتمعت، فتارة يشترى بها ملكا ويوقفه على المكان، وتارة يشترى بها كتبا ويوقفها ويجعلها فى خزانة المدرسة المذكوره. وكان لا يقبل لأحد هدية، ولا يأكل لأحد من أهل دمشق طعاما ولا غيره، وكان رحمه الله تعالى يواجه السلطان الملك الظاهر بالإفكار عليه فى أفعاله، ويلاطفه السلطان ويحمل جفوة كلامه ويخاطبه يا سيدى، رحمه الله تعالى. وعاش والده الحاج شرف بعده إلى سنة إحدى وثمانين فمات فى سابع عشر صفر، وقيل فى سنة اثنتين وثمانين، ودفن بنوى، رحمه الله تعالى.

الصفحة 384