كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب (اسم الجزء: 30)

العصر واجتمعا بالدوادارى وأنكرا عليه كونه مكنه من دخول الحمام، وقالوا:
«تسلمه إلينا نتوجه به إلى الديار المصرية» ، فقال: «إنه ما جاءنى ولا جاءكم مرسوم بالقبض عليه. وقد قبضتم عليه ووصل إلى عندى، فكيف أسلمه إليكما وبأى عذر اعتذر إلى السلطان» . فأغلظوا له فى القول. فلما أنكر حالهم وثب من بينهما وأمر رجاله بالقلعة بغلق أبوابها. فوثب الأميران وجردا سيوفهما وخرجا على حمية، وأغلق الدوادارى باب قلعة دمشق.
هذا ما كان بالشام.
أما الملك السعيد فانه لم يبق معه من الأمراء الأكابر إلا الأمير شمس الدين سنقر الأشقر والأمير علم الدين الحلبى، والبقية من المماليك السعيدية، كلاجين الزينى ومن يجرى مجراه، فلما وصل إلى قرب المطرية فارقه الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وانفرد عنه وعن الأمراء.
قال: ولما بلغ الأمراء أن السلطان يقصد طلوع القلعة من وراء الجبل الأحمر ركبوا ليمنعوه من الوصول إلى القلعة، فجاء سحاب أسود وأظلم الوقت حتى أن الإنسان لا يرى رفيقه الذى يسايره، فطلع السلطان إلى القلعة، وما رآوه. ولما استقر بها حاصره الأمراء وأحاطوا بالقلعة، واتفق أن لاجين الزينى أنكر على الأمير سيف الدين بلبان الزريقى وشتمه؛ فتغير خاطره ونزل من القلعة وانحاز إلى الأمراء؛ وتسلل المماليك من القلعة واحدا بعد واحد ونزلوا إلى الأمراء.
وأشار الأمير علم الدين سنجر الحلبى على السلطان بالإفراج عن المعتقلين، فأفرج عن الأمراء الشهرزورية وغيرهم، واستشار السلطان الأمير المشار إليه فيما يفعل، فقال: «أرى أن آخذ المماليك السلطانية وأهجم بهم على الأمراء وافرق شملهم» . فلم

الصفحة 397