كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 30)

وروي عن علي بن حسين أنه قال: إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم حَتَّى لا يكون لأحد من البشر إلا موضع قدميه، ذكره الماوردي في "تفسيره" (¬1).
والصواب ما أسلفناه؛ فإن قلت: (بدل) في كلام العرب معناه: تغيير الشيء، ومنه: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56]، و {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [البقرة: 59] , ولا يقتضي هذا إزالة العين، وإنما معناه: تغيير الصفة، ولو كان المعنى الإزالة لقال: تبدل بالتخفيف من: أبدلت الشيء: إذا أزالت عينه وشخصه، قيل: قد قرئ قوله تعالى: {أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا} [القلم: 32]، بالوجهين بمعنى واحد، وقال: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} [النور: 55]، وقال: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70]، كذا ذكره في "الصحاح" (¬2)، وبدله الله من الخوف (أمنًا) (¬3)، وتبديل الشيء أيضًا: تغييره، فقد دل القرآن وكلام العرب أن بدل وأبدل بمعنى، وقد فسر الشارع أحد المعنيين فتعين.
فصل:
وأما تبديل السماء فقيل: تكوير شمسها وقمرها، وتناثر نجومها، قاله ابن عباس (¬4)، وقيل اختلاف أحوالها، فتارة كالمهل، وتارة كالدهان، حكاه ابن الأنباري (¬5).
¬__________
(¬1) "النكت والعيون" 6/ 235. ورواه أبو نعيم في "الحلية" 3/ 145.
(¬2) "الصحاح" 4/ 1632.
(¬3) من (ص2).
(¬4) "زاد المسير" 4/ 376.
(¬5) انظر: "النكت والعيون" 3/ 144.

الصفحة 24