كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 30)

قال ابن عباس: من شك في أن الحشر في الشام فليقرأ هذِه الآية، وذلك أنه - عليه السلام - قال لهم: "اخرجوا" قالوا: إلى أين؟ قال: "إلى أرض المحشر" (¬1) قال قتادة: هذا أول الحشر (¬2).
الثاني: ما رواه البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الباب، وقال قتادة: إنه نار تحشرهم كما سلف.
قال عياض: هذا قبل قيام الساعة، وهو آخر أشراطها كما ذكره مسلم، وآخر ذَلِكَ نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس. وفي رواية: تطرد الناس إلى محشرهم، وفي حديث آخر: "لا تقوم الساعة حَتَّى تخرج نار من أرض الحجاز" (¬3) ويدل أنها قبل يوم القيامة قوله: "فتقيل معهم" إلى آخره، وفي رواية لغير مسلم: "إذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام" (¬4).
وذكر الحليمي في "منهاجه": أن ذَلِكَ في الآخرة، فقال: يحتمل أن قوله - عليه السلام -: "يحشر الناس على ثلاث طرائق" إشارة إلى الأبرار، (والمخلّطين) (¬5)، والكفار؛ فالأبرار هم الراغبون إلى الله فيما أعد لهم من ثوابه، والراغبون: هم الذين بين الخوف والرجاء. فأما الأبرار: فإنهم يأتون بالنجائب، وأما (المخلطون) (¬6): فهم الذين أريدوا في الحديث، وقيل إنهم يحملون على الأبعرة (¬7).
¬__________
(¬1) "تفسير البغوي" 8/ 69.
(¬2) المصدر السابق.
(¬3) مسلم (2902).
(¬4) "إكمال المعلم" 8/ 391. والرواية هذِه رواها الترمذي (3142).
(¬5) في الأصل: (والمخلصين)، والمثبت من "شعب الإيمان".
(¬6) في الأصل: (المخلصون)، والمثبت من "شعب الإيمان".
(¬7) نقل كلام الحليمي هذا، البيهقي في "شعب الإيمان" 1/ 318.

الصفحة 34