كتاب هداية القاري إلى تجويد كلام الباري (اسم الجزء: 2)

أما القسم الأول: فقد اتفقت المصاحف على قطع "من" عن "ما" ويوقف على "من" اختباراً بالموحدة أو اضطراراً وتدغم النون في الميم لفظاً لا خطًّا ذلك في موضعين اثنين فقط.
أولهما: قوله تعالى: {فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات} [الآية: 25] بسورة النساء.
وثانيهما: قوله تعالى: {هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [الآية: 28] بسورة الروم.
وأما القسم الثاني: وهو المختلف فيه بين القطع والوصل فوقع في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى: {وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت} [الآية: 10] بسورة المنافقون فرسم في جل المصاحف مقطوعاً وفي أقلها موصولاً والقطع أشهر وعليه العمل.
وأما القسم الثالث: وهو الموصول بالإجماع ففي غير موضعي القطع المتفق عليهما وموضع الوصل المختلف فيه. والنون فيه مدغمة لفظاً وخطًّا نحو قوله تعالى: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] . وقوله سبحانه: {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [الآية: 33] بسورة النور وما إلى ذلك.
"فائدة": إذا دخلت "من" الجارة على الاسم الظاهر فاتفقت المصاحف على قطعها عنه وتدغم النون فيه لفظاً لا خطًّا وذلك نحو قوله تعالى: {مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} [المؤمنون: 55] . وقوله: {مِّن مَّالِ الله} [النور: 33] . وقوله سبحانه: {مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ} [السجدة: 8] . وقوله عز شأنه: {مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ} [الرحمن: 15] .

الصفحة 421