كتاب الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها

الغضب بابٌ واسع من أبواب الشر وارتكاب مساوئ الأخلاق؛ لأن الغضب-ولا سيما الشديد-يَحُول بين صاحبه وبين الرؤية الصحيحة، ويَحُول بينه وبين التثبتِ والحلمِ والأناة والصبر؛ فهو يصْرفه إذَنْ عن عدد من مكارم الأخلاق، وفي الوقت نفسه لا ينفعه بشيء؛ ولِذا عُدَّ مِن أُصول المعاصي.
إننا نرى الغضب أحياناً كثيرةً يَنقل الإنسان عن دائرة العقل؛ حتى لا نشكّ في أنه شُعْبة من الجنون! وهذا الحديث يَبعُد بالإنسان عن هذا الداء الخطير على الإنسان، جسميّاً ونفسيّاً ودينيّاً.
والنهي في قوله صلى الله عليه وسلم "لا تغضب" يتضمن أمرين:
الأول: النهي عن خُلق الاسترسال مع الغضب، وهذا نهيٌ عنه وأمْرٌ بضد ذلك من الحلم والأناة.
الثاني: النهي عن التعرض لأسباب الغضب؛ فالأمر بالشيء أمرٌ به وبما يتوقف تحصيله عليه.
والأمر بالوضوء والجلوس نوع من أنواع معالجة الغضب إذا وقع، فصلِّ اللهم على النبي الكريم معلم الناس الخير!.
* - قوله صلى الله عليه وسلم: "البرّ حُسْن الخُلُق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس" 1. تنبيهٌ إلى مراعاة ما أودعه الله في النفس البشرية من العقل والفطرة، اللذين يستنكران مِن داخل النفس المنكَر والخطأ؛ فأغلب المخطئين وأغلب الخاطئين إنما وقعوا فيما وقعوا فيه وهم متجاهلون نداء العقل والفطرة من داخل ذواتهم لمّا وقعوا في أسْر لذاتهم!.
__________
1 أخرجه الإمام مسلم، في البر والصلة، ح15.

الصفحة 52