كتاب الأخلاق الفاضلة قواعد ومنطلقات لاكتسابها

* - قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا نظر أحدكم إلى من فُضّل عليه في المال والخَلْق فلينظر إلى من هو أسفل منه" 1. يتضمن قاعدةً ذات جذورٍ عميقةٍ في النفس البشرية، وهي التعامل مع طبيعة النفس البشرية في توجيهها وتربيتها على الخُلق القويم.
ولقد جُبِل الإنسان على خُلُق مجاراة الآخرين ومحاكاتهم وتقليدهم، كما أن الإنسان مجبول أيضاً على غريزةٍ لا تكاد تنفك عنه، وهي حب التملك والمال، وكذلك حب التميز على الآخرين فيما يُفضّلونه، مِثْلُ المال وجمال الصورة والهيئة.
وهذا الحديث يستثمر هذه الجبلّة البشرية في توجيهه إلى مكارم الأخلاق واستقامة السلوك، فأرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قاعدة عظيمة في هذا الباب، وإلى سبيلٍ سويّ فطريّ من سبل اكتساب الأخلاق الفاضلة والابتعاد عن ضدها من مساوئ الأخلاق، ولعلها سهلة ميسَّرة لمن عوّد نفسه عليها: "إذا نظر أحدكم إلى مَن فُضّل عليه في المال والخَلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه".
إن الإنسان في طبيعة خُلُقه مجبول على موازَنةِ نفسه وأحواله بغيره من الناس وأحوالهم، فإذا هو استثمر طبيعة نفسه هذه في النظر إلى من فُضِّل عليه في المال أو في الخَلق عاد عليه بالضرر وكفران ما هو فيه من نِعَم الله، وربما حَسَد مَن رآه أفضلَ منه، وحَقَد عليه، إلى آخر ما هنالك من مرذول الأخلاق!.
__________
1 أخرجه البخاري، برقم: 6125، ومسلم إلى قوله، في الزهد والرقائق،8 2963.

الصفحة 53