كتاب الطبقات الكبرى - متمم الصحابة - الطبقة الرابعة

6 - قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران: 173] . قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَالَ الْقَوْمُ: §إِنْ لَقِيتُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّا قَدْ جَمَعْنَا لَهُمْ جُمُوعًا. فَأَخْبَرُوهُمْ، فَقَالُوا: «حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ»
7 - قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْت -[80]- ُ يَعْقُوبَ بْنَ عُتْبَةَ، يُخْبِرُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظَّهْرَانِ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ إِنْ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْوَةً. قَالَ الْعَبَّاسُ: فَأَخَذْتُ بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّهْبَاءَ فَرَكِبْتُهَا، وَقُلْتُ: أَلْتَمِسُ حَطَّابًا أَوْ إِنْسَانًا أَبْعَثُهُ إِلَى قُرَيْشٍ. قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي فِي الْأَرَاكِ إِذَا أَنَا بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، فَقُلْتُ: أَبَا حَنْظَلَةَ؟ قَالَ: يَا لَبَّيْكَ أَبَا الْفَضْلِ وَعَرَفَ صَوْتِي، -[81]- فَقَالَ: مَا لَكَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، قُلْتُ: وَيْلَكَ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا تَأْمُرُنِي؟ هَلْ مِنْ حِيلَةٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، تَرْكَبُ عَجُزَ هَذِهِ الْبَغْلَةِ فَأَذْهَبُ بِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ إِنْ ظُفِرَ بِكَ دُونَهُ قُتِلْتَ قَالَ: وَأَنَا وَاللَّهِ أَرَى ذَلِكَ. ثُمَّ رَكِبَ خَلْفِي وَتَوَجَّهْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَآهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَعَرَفَهُ وَأَرَادَ قَتْلَهُ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبُو سُفْيَانَ أُخِذَ بِلَا عَهْدٍ وَلَا عَقْدٍ. قَالَ: فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ. وَجَرَى بَيْنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا أَحْلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ وَأَعْظَمَ عَفْوَكَ، قَدْ كَادَ يَقَعُ فِي نَفْسِي أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ اللَّهِ إِلَهٌ لَقَدْ أَغْنَى شَيْئًا بَعْدُ. قَالَ: «يَا أَبَا سُفْيَانَ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟» . قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا أَحْلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ وَأَعْظَمَ عَفْوَكَ، أَمَّا هَذِهِ فَوَاللَّهِ إِنَّ فِي النَّفْسِ مِنْهَا لَشَيْئًا بَعْدُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: وَيْحَكَ، اشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَاللَّهِ أَنْ تُقْتَلَ. قَالَ: فَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْتَ أَبَا سُفْيَانَ وَحُبَّهُ الشَّرَفَ وَالْفَخْرَ، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا. قَالَ: «نَعَمْ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ دَارَهُ فَهُوَ آمِنٌ»

الصفحة 79