كتاب مكارم الأخلاق لابن عثيمين

الدنيا بأحوال الآخرة, لوجود هذا الفارق العظيم.
فنحن نعلم أن الناس يقفون يوم القيامة خمسين ألف سنة!! وعلى مقياس ما في الدنيا, فهل يمكن أن يقف أحدٌ من الناس خمسين ألف دقيقة؟ الجواب: لا يمكن ذلك, إذن الفارق عظيم, فإذا كان كذلك, فإن المؤمن يقبل مثل هذا الخبر بانشراح صدر وطمأنينة, ويتسع فهمه له, وينفتح قلبه لما دل عليه.
ثانياً: ومن حسن الخلق مع الله عز وجل, أن يتلقى الإنسان أحكام الله بالقبول والتنفيذ والتطبيق فلا يرد شيئاً من أحكام الله, فإذا رد شيئاً من أحكام الله فهذا سوء خلق مع الله عز وجل, سواءٌ ردها منكراً حكمها, أو ردها مستكبراً عن العمل بها, أو ردها متهاوناً بالعمل بها, فإن ذلك كله منافٍ لحسن الخلق مع الله عز وجل.
مثال على ذلك: [الصوم]
الصوم لا شك فيه أنه شاقٌ على النفوس, لأن الإنسان يترك فيه المألوف, من طعام وشراب, ونكاح, وهذا أمر شاق على الإنسان ولكن المؤمن حسن الخلق مع الله عز وجل, يقبل هذا التكليف, أو بعبارة أخرى: يقبل هذا التشريف, فهذه نعمة من الله عز وجل في الحقيقة, فالمؤمن يقبل هذه النعمة التي في صورة تكليف بانشراح صدر وطمأنينة, وتتسع لها نفسه فتجده يصوم الأيام الطويلة في زمن الحر

الصفحة 19