كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

ثانيا: الأفعال التي علم أنها من خصائصه صلى الله عليه وسلم:
لقد ذكر الأصوليون في باب خصائصه صلى الله عليه وسلم أمورا من المباحات والواجبات والمحرمات. بعضها متفق عليه والبعض الآخر متنازع فيه. فمن المباحات في حقه صلى الله عليه وسلم الزيادة على أربع نسوة، والنكاح بلا مهر كنكاح الموهوبة، ومن الواجبات وجوب التهجد وقيام الليل، ومن المحرمات الأكل من الصدقة، وأكل ذي الرائحة الكريهة كالثوم والبصل. فهذه الخصائص خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيها غيره ولا يقتدى به فيها.
قال الشوكاني (¬1) .
(والحق أنه لا يقتدى به صلى الله عليه وسلم فيما صرح لنا بأنه خاص به كائنا ما كان إلا بشرع يخصنا (¬2) .
، فإذا قال مثلا: هذا واجب علي مندوب لكم. كان فعلنا لذلك الفعل لكونه أرشدنا إلى كونه مندوبا لنا لا لكونه واجبا عليه، وإن قال: هذا مباح لي أو حلال ولم يزد على ذلك، لم يكن لنا أن نقول هو مباح لنا أو حلال لنا. . . وأما لو قال: هذا حرام علي وحدي ولم يقل حلال لكم فلا بأس بالتنزه عن فعل ذلك الشيء، أما لو قال: حرام علي حلال لكم فلا يشرع التنزه عن فعل ذلك الشيء. فليس في ترك الحلال ورع) (¬3) . ثالثا: الأفعال المجردة عما سبق وإنما المقصود بها التشريع، فهذه نطالب بالتأسي فيها، إلا أن صفتها الشرعية تختلف بحسب الوجوب أو الندب أو الإباحة- وتتنوع هذه الأفعال إلى عدة أنواع بحسب القرائن:
¬_________
(¬1) هو محمد بن علي بن محمد الشوكاني (1173- 1255 هـ) . مفسر. محدث أصولي فقيه، مجتهد، كان من كبار علماء اليمن في عصره، انظر: الأعلام، 6 / 298، ومعجم المؤلفين، 11 / 53- 54.
(¬2) يقصد الشوكاني من وراء كلامه هذا الرد على من ذهب إلى أن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في خصائصه مستحب في الواجبات والمحرمات دون المباحات.
(¬3) إرشاد الفحول، 35 - 36.

الصفحة 108