كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا) (¬1) .
وقد أمرنا الله بأن نتبع رسوله صلى الله عليه وسلم ونمتثل أمره ونهيه في كل ما جاءنا به، فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] (¬2) قال ابن كثير:
(أي: " مهما أمركم به فافعلوه ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه فإنه إنما يأمر بخير، وإنما ينهي عن شر ") (¬3) وهذا الأمر من الله عام شامل لكل ما جاءنا به الرسول صلى الله عليه وسلم سواء أكان منصوبا بعينه في القرآن أو لا؟ ذلك لأن النصوص الواردة في هذا الشأن كلها توجب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وإن لم نجد ما قاله منصوصا بعينه في القرآن، ولأن الله لم يفرق بين طاعته سبحانه وبين طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، بل جعل طاعة نبيه طاعة له سبحانه فقال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] (¬4) وغالب الآيات قرنت بين طاعته سبحانه وطاعة نبيه، ولأن ما سنه الرسول صلى الله عليه وسلم مما ليس فيه نص كتاب فإنما سنه بأمر الله ووحيه.
قال الإمام الشافعي:
(وما سن رسول الله فيما ليس لله فيه حكم- فبحكم الله سنه، وكذلك أخبرنا الله في قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ - صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 52 - 53] (¬5)
¬_________
(¬1) إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر، بيروت، 1 / 51.
(¬2) سورة الحشر، آية (7) .
(¬3) تفسير ابن كثير، 4 / 336.
(¬4) سورة النساء، آية (80) .
(¬5) سورة الشورى، آية (52-53) .

الصفحة 114