كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب. وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود (¬1) عن اتباعها معصيته التي لم يعذر بها خلقا، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجا) (¬2) .
وقد جاءت الأحاديث الكثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدلالة على وجوب طاعته واتباع سنته منها ما أخرجه البخاري بسنده عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوما، فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا، فانطلقوا على مهلهم، فنجوا، وكذبت طائفة منم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش، فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب بما جئت به من الحق» (¬3) قال الطيبي (¬4) .
: فيما نقله عنه الحافظ بن حجر:
(شبه صلى الله عليه وسلم نفسه بالرجل، وإنذاره بالعذاب القريب بإنذار الرجل قومه بالجيش المصبح، وشبه من أطاعه من أمته ومن عصاه، بمن كذب الرجل في إنذاره ومن صدقه) (¬5) .
¬_________
(¬1) العنود: العتو والطغيان، أو الميل والانحراف. انظر لسان العرب 3 / 307 وما بعدها.
(¬2) الرسالة. للإمام محمد بن إدريس الشافعي. تحقيق أحمد محمد شاكر، ط 1، مطبعة مصطفى الحلبي، مصر، 1358 هـ، ص 88- 89.
(¬3) البخاري، كتاب الاعتصام، باب الاقتداء سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم 9 / 115، ومسلم، كتاب الفضائل، باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته 14 / 788- 1789.
(¬4) هو الحسين بن محمد بن عبد الله الطيبي (. . . - 743 هـ) ، مفسر محدث، كان شديد الرد على الفلاسفة والمبتدعة. من تصانيفه شرح المشكاة وشرح الكشاف للزمخرشي، شرحه شرحا حسنا، ورد عليه فيما خالف فيه مذهب أهل السنة والجماعة. انظر: الدرر الكامنة لابن حجر، 2 / 156 -157.
(¬5) فتح الباري، 11 / 317.

الصفحة 115