كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

وأخرج البخاري أيضا بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» (¬1) والمراد بالإباء هنا هو الامتناع عن التزام سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصيان أمره.
والموصوف بالإباء إن كان كافرا فلا يدخل الجنة أبدا وإن كان مسلما منع من دخولها مع أول داخل إلا من شاء الله تعالى (¬2) وأخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني» (¬3) .
فهذا الحديث يؤكد أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة لله كما قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] (¬4) وفي الحديث وجوب طاعة ولاة الأمر - وهم العلماء والأمراء - ما لم يأمروا بمعصية فإن أمروا بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
وأخرج الترمذي وأبو داود وأحمد - واللفظ له - عن العرباض بن سارية قال: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا، فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم
¬_________
(¬1) صحيح البخاري، كتاب الاعتصام باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم 9 / 114.
(¬2) انظر: فتح الباري، 13 / 254.
(¬3) صحيح البخاري، كتاب الأحكام، باب قوله تعالى: وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول 9 / 77.
(¬4) سورة النساء، آية (80) .

الصفحة 116