كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» (¬1) ففي هذا الحديث يوصي الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه ومن يأتي بعدهم بالتمسك بالسنة ولزومها والاعتصام بها.
قال ابن رجب:
(وهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما وقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه، وفي الأعمال والأقوال والاعتقادات، وهذا موافق لما روي عنه من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة وأنها كلها في النار إلا واحدة وهي ما كان عليه وأصحابه (¬2) ولذلك في هذا الحديث أمر عند الافتراق والاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، والسنة هي الطريق المسلوك، فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة.
. . . . والخلفاء الراشدون الذين أمرنا بالاقتداء بهم هم أبو بكر وعمر وعمان وعلي رضي الله عنهم) (¬3) وكما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بطاعته، حذرهم من الخروج عن سنته ورهبهم من تركها والإعراض عنها، فقال فيما أخرجه البخاري عن أبي هريرة
¬_________
(¬1) المسند 4 / 127، وأبو داود. في السنة، باب لزوم السنة 5 / 13- 15، والترمذي في الحلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، 4 / 149- 155، وقال: حسن صحيح، وقال الحافظ أبو نعيم، هو حديث جيد من صحيح حديث الشاميين.
انظر - جامع العلوم والحكم، لابن رجب، طبع دار الفكر، بيروت، ص 243.
(¬2) يشير إلى حديث افتراق الأمة ولفظه " ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي الجماعة، أخرجه أبو داود في كتاب السنة باب شرح السنة 5 / 5- 6، وأحمد في المسند 4 / 105، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي 1 / 128. انظر: السلسلة الصحيحة للألباني، 1 / 358 وما بعدها.
(¬3) جامع العلوم والحكم، ص 248- 249.

الصفحة 117